سيون أسيدون، المناضل المغربي المناهض للصهيونية يرد على رسالة شمعون أوحيون، رئيس “منظمة الإسرائيليين من أصل مغربي” التي وجهها للملك
على المستوى السياسي، الأمور واضحة، وهي أن “هؤلاء المستوطنين من أصل مغربي، مثلهم مثل المستوطنين من أصل روسي أو فرنسي أو أمريكي، هم معمرون يشاركون، حاليا، في إبادة جماعية وفي أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وهم جزء من النظام الاستعماري العنصري الاحتلالي المُسلط على الشعب الفلسطيني”.
ينحدر أسيدون من عائلة مغربية يهودية ذات أصل أمازيغي، ولد في مايو/أيار 1948 بمدينة أكادير، أكمل تعليمه الجامعي في فرنسا ثم قرر العودة إلى المغرب ليصبح واحدا من الوجوه المعروفة بمناهضتها لإسرائيل والمدافعة عن القضية الفلسطينية من خلال الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ونشاطه في حركة المقاطعة العالمية “بي دي إس”.
دخل أسيدون على خط الرسالة التي وجهها شمعون أوحيون، رئيس “منظمة الإسرائيليين من أصل مغربي” لجلالة الملك محمد السادس مباشرة، مطالبا فيها بدعم الاحتلال الاسرائيلي ومنع كل أشكال الاحتجاجات الشعبية المناهضة للتطبيع ،وفي مقال له،رد المناضل المغربي أسيدون على المدعو أوحيون في مقال،تناولته عدة مواقع إعلامية ،واصفا إياه ب “المُعمر الصهيوني” وانتقدت جرأته في التدخل في “السياسة الداخلية المغربية بإملاء رأيه بشكل شبه مباشر عن ضرورة قمع مئات الآلاف من المواطنين المغاربة الذين يتظاهرون لدعم المقاومة الفلسطينية والذين يرفعون الشعار “الشعب يريد إسقاط التطبيع!”.
إليكم مقال سيون أسيدون:
بداية، لا أفهم هؤلاء الذين غضبوا على المدعو شمعون أوحيون، رئيس “منظمة الإسرائيليين من أصل مغربي”، لأنه تجرأ على ممارسة حريته في التعبير في توجهه المباشر إلى ملك المغرب، أو رئيس الدولة المغربية؛ فقليلون هم المثقفون المغاربة الذين كانت لديهم هذه الجرأة لممارسة هذا النوع من الحرية.
فهل يستحق الشجب؟ أو بالعكس يستحق الشكر؟ في شق منه، يستحق الشكر حقيقة؛ لأنه قام، بكيفية ما، بفضح خرافة ظلت تُستعمل كثيرا لتبرير انخراط السلطات المغربية في “اتفاقيات أبراهام”: “اليهود المغاربة بإسرائيل”؛ ولهذا، في هذه الحدود، يستحق الشكر في نظري.
ولكن، كمْ سمعنا في وسائل الإعلام الرسمية عن ما يسمونه “الجالية المغربية في إسرائيل” قبل وبعد تطبيع المغرب علاقاته مع الكيان الإجرامي؟ كيف يعقل أن أناسا يمارسون الاستيطان في فلسطين ويشاركون في استعمارها ويحملون البنادق، بل يستعملون جميع أنواع السلاح ضد الشعب الفلسطيني أن نعتبرهم مع ذلك مغاربة منا ويشبهوننا؟
بطبيعة الحال، كانت في المغرب، تاريخيا، طوائف مغربية يهودية لم يبقَ للأسف إلا القليل منها بسبب حرية الدعاية والعمل التي مُنحت للشبكات الصهيونية في المغرب ابتداء من 1961، والتي أدت إلى تنظيم هجرة مئات الآلاف من المواطنين المغاربة، حتى صاروا بين عشية وضحاها مُعمرين على أرض فلسطين؛ وهذا تم بالتواطؤ مع السلطات الرسمية المغربية آنذاك.
ويبدو لي أن هناك أمورا تستدعي قليلا من التدقيق، وهو أن اعتبار هؤلاء الناس “مواطنين مغاربة” منافٍ لقانون الجنسية المغربية الذي ينص في فصله التاسع عشر على أن حالات فقدان الجنسية المغربية تشمل المغربي “الذي يؤدي مهمة أو يشغل وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية أو في جيش أجنبي إذا كان شغل هذه المهمة أو الوظيفة يتعارض مع المصلحة الوطنية، ويحتفظ بها أكثر من ستة أشهر بعد ما تنذره الحكومة المغربية للتنازل عنها”.
وليست هناك حاجة، الآن، إلى الدخول في المساطر التي امتنعت الحكومات المتتالية منذ إصدار هذا القانون عن القيام بتطبيقها في هذا الباب الذي نتحدث عنه ولماذا، إلخ.
لكن، على المستوى السياسي، الأمور واضحة، وهي أن “هؤلاء المستوطنين من أصل مغربي، مثلهم مثل المستوطنين من أصل روسي أو فرنسي أو أمريكي، هم معمرون يشاركون، حاليا، في إبادة جماعية وفي أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وهم جزء من النظام الاستعماري العنصري الاحتلالي المُسلط على الشعب الفلسطيني”.
ولا يهمنا في هذه النازلة هل أصواتهم في الانتخابات تؤيد الجهة الفاشية اليمينية المتطرفة أو الجهة الليبرالية: مثلهم مثل باقي المستوطنين، لا تنجو منهم إلى حد هذه الساعة إلا أقلية وهي مناهضة للاستعمار بشكل عام وللصهيونية بشكل خاص.
أيضا، أود أن أستغل هذه الفرصة لأشكر السيد أوحيون لإعطاء أسطع مثال في ذلك عندما يتجرأ على مهاجمة الفلسطينيين وممارستهم لحقهم المشروع في المقاومة لتحرير بلدهم من الاستعمار، في رسالة مباشرة إلى الملك محمد السادس؛ فشكرا له لأنه عبّر بوضوح عن قناعته الاستعمارية، ولأنه عرضها بجرأة على من يسهر مباشرة على السياسة الخارجية المغربية.
وبطبيعة الحال، يستحق السيد أوحيون كل الشجب لنفس السبب؛ بل أكثر عندما يدخُل هذا المُعمر الصهيوني في السياسة الداخلية المغربية بإملاء رأيه بشكل شبه مباشر عن ضرورة قمع مئات الآلاف من المواطنين المغاربة الذين يتظاهرون لدعم المقاومة الفلسطينية والذين يرفعون الشعار “الشعب يريد إسقاط التطبيع!”.
فهذا التدخل في الشأن المغربي هو نتيجة من النتائج لتعدد الاتفاقيات المبرمة في جميع الميادين، بما فيه العسكري والمخابراتي؛ وهذا يبين بجلاء إلى أيّ مدى الاستعمار الصهيوني العنصري الاستيطاني الاحتلالي المجرم يعتبر أن التصرف في المغرب كسيد المنزل أصبح شيئا عاديا ومقبولا، حتى عند من يعتبرون أنهم إسرائيليون من أصل مغربي.