أخباررياضةسياسةمجتمع

صمت الأحزاب المغربية تجاه رسالة الجامعة المواطنة للرياضة: قراءة في واقع السياسة والرياضة

الرياضة بين خطاب جلالة الملك محمد السادس والممارسات السياسية: دعوة لإعادة ترتيب الأولويات الوطنية

في يونيو 2024، أطلقت الجامعة المواطنة المغربية للرياضة مبادرة جريئة، وجهت خلالها رسالة مفتوحة إلى جميع الأحزاب السياسية المغربية، تدعوهم فيها إلى تبني سياسة رياضية وطنية حقيقية، تأخذ بعين الاعتبار دور الرياضة كرافعة للتنمية الاجتماعية والصحية والثقافية. إلا أن هذه الدعوة، التي حملت في طياتها أملًا في تحريك النقاش السياسي حول الرياضة، اصطدمت بصمت رسمي من الأحزاب، ما يطرح تساؤلات عميقة حول العلاقة بين السياسة والرياضة في المغرب.
غياب ردود الفعل الرسمية من الأحزاب السياسية لا يمكن تفسيره فقط بالتجاهل أو الإهمال، بل هو مرآة تعكس واقعًا معقدًا يعيشه المشهد السياسي المغربي. فالأحزاب، التي تواجه تحديات داخلية تتمثل في ضعف البرامج السياسية، وضعف التواصل مع قواعدها الشعبية، تبدو منشغلة أكثر بالتقلبات السياسية والانتخابات المقبلة، على حساب القضايا المجتمعية الحيوية كالرياضة.
هذا الصمت يعكس أيضًا أزمة تمثيلية وثقة بين المواطن والنخبة السياسية، حيث يشعر كثير من الشباب والفاعلين المدنيين بأن صوتهم لا يجد من يستمع إليه داخل الأطر الحزبية التقليدية. كما أن غياب تجديد القيادة داخل الأحزاب يحد من قدرتها على استيعاب المبادرات الجديدة التي تتطلب رؤية استراتيجية وعملية.
👈🏼الرياضة بين السياسة والمجتمع المدني
الرياضة، التي يشدد عليها خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس كرافعة للتنمية وقيمة من قيم المواطنة، تبدو في المغرب خارج دائرة الاهتمام السياسي المباشر، رغم تأثيرها الكبير على الصحة العامة، والتماسك الاجتماعي، ودعم الشباب. المبادرات المدنية، مثل رسالة الجامعة المواطنة المغربية للرياضة، تسعى إلى سد هذه الفجوة، لكنها تواجه تحديات كبيرة في فرض حضورها داخل المشهد السياسي الرسمي.
إن صمت الأحزاب تجاه هذه المبادرة لا يعني بالضرورة رفضها، لكنه يسلط الضوء على حاجة ملحة لإعادة النظر في أولويات العمل السياسي، والارتقاء ببرامج الأحزاب لتشمل قضايا تنموية حقيقية، تعكس تطلعات المواطنين. فالرياضة ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي أداة فعالة لبناء مجتمع صحي، متماسك، وقادر على مواجهة تحديات المستقبل.

في النهاية، يبقى تحريك النقاش حول الرياضة مسؤولية مشتركة بين الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني، ويتطلب إرادة حقيقية للتغيير وتجاوز الجمود السياسي.
المبادرة التي أطلقتها الجامعة المواطنة المغربية للرياضة تمثل دعوة صادقة لإعادة الاعتبار للرياضة ضمن السياسات العمومية، وتحويلها إلى مشروع وطني شامل، مستلهمة توجيهات جلالة الملك محمد السادس، الذي أكد على أن “الرياضة هي رافعة للتنمية وقيمة من قيم المواطنة”.
إن تجاوز صمت الأحزاب والاستجابة لهذه الدعوة، ليس فقط مطلبًا رياضيًا، بل هو خطوة ضرورية نحو بناء مغرب متجدد، يضع الإنسان وصحته وطاقاته في صلب اهتماماته، ويجعل من الرياضة جسراً للتواصل والتقدم.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!