أخبارحقوق الإنسانصحة

صندوق الاحتياط الاجتماعي المغربي بين انتقادات المواطنين ورؤية الإصلاح الرقمي

بيان احتجاجي يكشف معاناة المستفيدين في ظل خطوات CNOPS نحو رقمنة الخدمات وتحسين جودة التأمين الصحي

يتداول عبر تطبيق الواتساب بيان احتجاجي من جهة مجهولة لا يحمل أي خاتم او امضاء،(حاولنا معرفة مصدره دون جدوى)، يعبر عن استياء عميق من الفوضى والتهميش في خدمات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في المغرب.
ينتقد البيان منع الصندوق من إصدار بطاقة إلكترونية ذكية تُعتمد لدى الأطباء والعيادات والمستشفيات والصيدليات، على غرار بطاقة “فيتال” الخضراء في فرنسا، رغم أن المستفيدين من هذه الخدمات موظفون دائمون ومتقاعدون يتوفرون على شهادات راتب ثابتة.
ويُعبر البيان عن رفض الاستمرار في نظام بدائي ومهين يُجبر المرضى على جمع الأوراق والمنشورات والرموز الشريطية واستعمال أوراق علاج رديئة، مع معاناة من إجراءات معقدة وطوابير طويلة أمام شبابيك مكتظة وموظفين مرهقين، مما يثقل كاهل المرضى ويجعلهم يتخلون أحيانًا عن حقهم في التعويض الطبي بسبب مصاريف التنقل والانتظار التي تفوق التعويض. كما يُنتقد البيان الواقع المرير لبعض مكاتب التعاضدية العامة للتربية الوطنية (MGEN)، التي يفترض أن تخدم نساء ورجال التعليم العالي والبحث العلمي، ويعبر عن استغرابه من صمت النقابات رغم تمثيلها في مجالس إدارة CNOPS، مما يثير التكهنات حول استفادة بعضهم من الوضع الراهن.

الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي تأسس في المغرب بمقتضى ظهير شريف صدر في نوفمبر 1963، ويعمل كمؤسسة تأمين صحي تدير نظام التأمين الإجباري عن المرض للقطاع العام، ويشرف على التغطية الصحية الأساسية لموظفي ومتقاعدي القطاع العمومي.
شهد الصندوق تطورات مهمة عبر العقود، وبدأ يتكيف مع متطلبات العصر الرقمي من خلال تطوير خدماته الإلكترونية. في السنوات الأخيرة، شهدت منظومة CNOPS خطوات إصلاحية، حيث أعلن عن اعتماد شهادة تسجيل إلكترونية تحل محل البطاقة التقليدية اعتبارًا من 5 ماي 2025، حيث تُمثل هذه الشهادة الوثيقة الوحيدة المعترف بها للوصول إلى خدمات الصحة، وتشتمل على المعلومات الأساسية للمستفيد مثل الاسم ورقم البطاقة الوطنية وتاريخ الميلاد ورقم التسجيل والتعاضدية المنتسب إليها. كما يمكن للمستفيدين القدامى تحميل نسخ مكررة من هذه الشهادة عبر بوابة CNOPS الإلكترونية دون الحاجة للذهاب إلى الشبابيك.

هذا التحول يأتي تماشياً مع قانون رقم 19-55 الذي يهدف إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتحديث الخدمات العامة، وهو ما يعكس رغبة CNOPS في تسريع وتسهيل الوصول إلى الرعاية الصحية وتقليل الاعتماد على الوثائق الورقية التقليدية.
وضمن هذه الإصلاحات، أطلقت CNOPS في نوفمبر 2024 موقعًا الكترونيًا جديدًا يتيح عددًا من الخدمات الإلكترونية تشمل تحديث البيانات الشخصية، التصريح بالتابعين، الحصول على شهادة تسجيل إلكترونية،ومتابعة ملفات المرض والتعويضات، إلى جانب تسهيل الحصول على الموافقات الطبية والتذاكر الخاصة بالأمراض المزمنة، مما يقلل الحاجة للتنقل والاختلاط المباشر مع المكاتب.
تشمل الاستراتيجية الرقمية أيضًا إطلاق تطبيق SMART CNOPS الذي يتيح للمستفيدين متابعة وضعيتهم الإدارية والمالية، وطلب دعم الأدوية، وتقديم الشكاوى، واستعراض المعلومات الصحية، مما يؤكد عزم CNOPS على تحسين جودة الخدمات وضمان حقوق التأمينين.
بالإضافة إلى كل ما سبق ،هناكوخطة عمل استراتيجية ما بين 2021 و2025 تعزز من الرقمنة، والتحكم الطبي، ومكافحة الاحتيال، وتعزيز التعاون مع التعاضديات، بهدف تحسين وصول المؤمنين إلى خدمات صحية عالية الجودة.

من الملاحظ أن أوجه التقارب بين البيان الاحتجاجي وإنجازات CNOPS واضحة في أن الصندوق يسعى فعلاً إلى تحديث نظامه وتحسين خدماته التي شكا المستفيدون من تقصيرها في البيان.
فقد ساهم اعتماد شهادة التسجيل الإلكترونية وإطلاق بوابة إلكترونية وتطبيق ذكي في تخفيف معاناة المرضى، وتقليل استخدام الأوراق المعقدة، وتوفير إمكانية متابعة الملفات والتصريحات دون الحاجة للتنقل.
كما أن جهود CNOPS في مراقبة النفقات الطبية ومحاربة الاحتيال تعزز الطابع التنظيمي للخدمات مقارنة بالوضع الذي أشار إليه البيان من فوضى وتلاعبات محتملة.
ورغم هذه الإنجازات، يعكس البيان صوت المستفيدين الذين يشعرون أن التحديثات والتغييرات لم تتحقق بالشكل الكافي أو السريع الذي يضمن لهم كرامة أفضل وسهولة أكبر في الحصول على الخدمات.
إذ أن الفجوة ما زالت قائمة بين مطالب المواطنين والواقع الميداني، مما يشير إلى ضرورة تسريع وتعميم الإصلاحات وتحسين جودة التواصل بين CNOPS والمواطنين، وكذلك إشراك النقابات والفاعلين الاجتماعيين لنقل صوتهم وتمثيلهم بشكل أكثر فاعلية.
إجمالا، ترسم هذه الديناميكية صورة صراع بين واقع مزعج يعيشه بعض المستفيدين ومحاولات إصلاح رقمية وإدارية تبشر بتغيير مستقبلي أفضل، مما يجعل من الضروري استمرار المراقبة والمساءلة لضمان التقدم والنجاح الكامل لمشروع تطوير المنظومة الصحية بمساعدة CNOPS.

وأخيرا، يبرز هذا التقرير أهمية متابعة تطورات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بشكل دقيق، حيث تظهر تطلعات المواطنين في بياناتهم تعبيرًا عن حاجتهم الملحة لإصلاحات حقيقية تليق بكرامتهم، في حين تقدم المنظومة خطوات ملموسة نحو التحديث والرقمنة، مما يفتح الباب أمام أمل كبير في تحسين جودة الخدمات الصحية والاجتماعية بالمغرب في السنوات القادمة.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!