أخباردوليسياسة

طوكيو تطرد ممثلي البوليساريو من مؤتمر تيكاد 9 وتمنعهم من أي نشاط سياسي

السلطات اليابانية تشدد على سيادتها وترفض استغلال المؤتمر لأجندات سياسية موازية بتنسيق مع الجزائر

في إطار انعقاد مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (تيكاد 9) الذي استضافته مدينة يوكوهاما اليابانية من 19 إلى 22 أغسطس 2025، شهدت الفعالية موقفًا دبلوماسيًا مهمًا تمثل في قرار السلطات اليابانية بطرد ممثلي جبهة البوليساريو من أراضيها ومنعهم من القيام بأي نشاط سياسي خارج إطار مشاركتهم الرسمية ضمن وفد الاتحاد الإفريقي. جاء هذا القرار الصارم بعد سلسلة إجراءات فرضتها اليابان على الوفد، وهو ما شكل ضربة دبلوماسية قوية للجبهة الانفصالية.

لم تحظ وفود البوليساريو بدعوات رسمية من السلطات اليابانية ولم يحصلوا على شارات الاعتماد التي تسمح لهم بالمشاركة الرسمية الكاملة في فعاليات المؤتمر، وتم منعهم من الحديث أو المشاركة في جلسات النقاش، بل وُضعت تحركاتهم تحت رقابة أمنية مشددة. كان من المقرر أن يعقد الوفد مؤتمرًا صحفيًا في نادي الصحافة بطوكيو، إلا أن الفعالية ألغيت في اللحظة الأخيرة لأسباب وصفتها اللجنة المنظمة بـ”الخاصة”، حيث كشفت مصادر أن الحكومة اليابانية هي التي منعت عقد المؤتمر وأمرت أعضاء الوفد بمغادرة البلاد قبل 3 أيام من الموعد المحدد لمغادرتهم.

وكانت مشاركة البوليساريو في المؤتمر بشكل استثنائي ضمن وفد الاتحاد الإفريقي ووفق شروط دقيقة تقضي بالاقتصار على حضور الجلسات المتعلقة بالتنمية الإفريقية فقط، دون السماح بأي نشاطات أو أجندات سياسية موازية. لكن الوفد حاول خرق هذه البروتوكولات من خلال تنظيم لقاءات مع برلمانيين وصحفيين ومنظمات غير حكومية، وهو ما دفع السلطات اليابانية إلى اتخاذ موقف حازم يقضي برفض أي محاولة لاستغلال المؤتمر لأهداف دعائية أو سياسية. وبذلك، وجهت اليابان رسالة واضحة على أنها لن تسمح باستخدام أراضيها كمنصة دعائية للجبهة الانفصالية، مؤكدة على سيادتها وصرامتها في احترام شروط استضافتها، وهو ما اعتبرته الدبلوماسية المغربية انتصارًا جديدًا يعزز وحدتها الترابية.

موقف المغرب الرسمي كان مرحبًا بهذا القرار، حيث يعتبر خطوة إيجابية تتماشى مع جهوده الدبلوماسية الرامية إلى تهميش البوليساريو سياسيًا وتقليص نشاطها في المحافل الدولية. المغرب يواصل استراتيجيته الرامية إلى استعادة الشرعية الكاملة لأقاليمه الجنوبية، ويؤكد دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي كحل سياسي واقعي للنزاع، في سياق تعزيز سيادته ورفع مكانته الدبلوماسية إقليمياً ودولياً.

أما الجانب الجزائري، كأحد أبرز داعمي جبهة البوليساريو، فقد شهدت علاقاته الخارجية مزيدًا من التأزم نتيجة هذه الخطوة التي تصنفها الجزائر كعمل يتعارض مع مواقفها الداعمة للجبهة الانفصالية. القرار الياباني أثار حفيظة الجزائر، واعتبر جزءًا من تصعيد أوسع ينعكس في توترات دبلوماسية مع عدة دول، يضاف إليه خلافات سابقة في ملفات دبلوماسية متنوعة، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في شمال إفريقيا ويؤثر على تحالفات المنطقة.

ختامًا، يعكس طرد وفد البوليساريو من مؤتمر تيكاد 9 عزم اليابان على حماية سيادتها وحرصها على احترام القوانين الدولية خلال استضافتها للحدث، كما يبرهن على دعم المجتمع الدولي لمواقف المغرب في ملف الصحراء الغربية، مما يكشف عن تحديات مستمرة تواجه جبهة البوليساريو في محاولاتها لكسب شرعية دولية، وبأن النزاع الإقليمي لا يزال محورًا رئيسيًا في تشكيل الديناميات السياسية والدبلوماسية في القارة الإفريقية وخارجها.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!