
عجلة المراقبة والتدقيق في الصفقات العمومية بدأت تتحرك بوتيرة متسارعة بعد إعادة هيكلة المفتشية العامة وتعيين الوالي محمد فوزي على رأسها، وهو من أبرز الوجوه الإدارية في المغرب، المعروف بسجله الحافل في تطوير منظومة الإدارة الترابية وتعزيز الحكامة والشفافية.
ومنذ توليه المنصب، اتخذ محمد فوزي إجراءات حاسمة تهدف إلى رفع مستوى الأداء الإداري وضمان حسن سير العمل داخل مختلف المؤسسات العمومية، مع التركيز على تعزيز منظومة التفتيش والرقابة وربط المسؤولية بالمحاسبة، في إطار مكافحة الفساد وتحسين تدبير الموارد العامة.
شملت التحقيقات الأولية عدداً من الوزارات والمؤسسات العمومية والمجالس الجهوية كشفت عن وجود اختلالات جسيمة في مساطر التأشير على الصفقات العمومية ،بحسب تقارير إعلامية، حيث تورط مسؤولون كبار مكّنوا شركات معينة من الفوز بصفقات بطرق تحوم حولها الشبهات، مما أثار تساؤلات واسعة حول نزاهة المنافسة والشفافية في منح هذه الصفقات.
هذه الاختلالات الجسيمة تؤكد الحاجة الملحة لتعزيز الرقابة الصارمة والمساءلة القانونية، بما يضمن محاسبة المتورطين وردع كل من يحاول استغلال منصبه لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وبحسب مصادر إعلامية، فإن بعض الصفقات التي خضعت للتدقيق لم تستوفِ شروط الضرورة الملحة أو الاستعجال التي تبرر استبعاد مسطرة طلب العروض، وهي شروط قانونية واضحة تهدف إلى ضمان المنافسة الشريفة والشفافية في منح الصفقات العمومية. عدم توفر هذه الشروط يجعل هذه الصفقات عرضة للمساءلة الإدارية وربما القضائية في حال ثبوت وجود نية التلاعب أو التواطؤ، وهو ما يعكس جدية المفتشية في متابعة كل تفاصيل هذه القضايا بحذر وهدوء بعيداً عن الضجيج الإعلامي، وسط ترقب واسع من الرأي العام لنتائج التحقيقات التي قد تطيح بأسماء وازنة في مناصب المسؤولية وتعيد الاعتبار لقواعد الشفافية والنزاهة في تدبير المال العام.
وتأتي هذه الخطوات في إطار جهود شاملة لإصلاح منظومة الصفقات العمومية، من خلال تعزيز الرقابة الداخلية والخارجية، وتفعيل دور ديوان المحاسبة وهيئات مكافحة الفساد، إلى جانب اعتماد التكنولوجيا الحديثة التي تتيح تتبع كل مرحلة من مراحل الصفقات وتحليل البيانات لاكتشاف الأنماط المشبوهة. كما يتم التركيز على تدريب وتأهيل الكوادر الإدارية لتعزيز ثقافة النزاهة والمسؤولية، مع فتح قنوات تواصل مع المجتمع المدني والإعلام لتشجيع المشاركة المجتمعية في مراقبة الصفقات العمومية، وهو ما يعزز من شفافية العملية ويقوي من ثقة المواطنين في مؤسساتهم.
وفي النهاية، تعكس هذه التحقيقات والإصلاحات رغبة حقيقية في تحقيق حكامة رشيدة وإدارة سليمة للمال العام، تضمن عدم تكرار التجاوزات وتؤسس لبيئة إدارية نزيهة تلتزم بالقوانين والمعايير الأخلاقية، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وبناء دولة القانون والمؤسسات.