أخبارجهاتمجتمع

لقاء جهوي ببني ملال–خنيفرة يناقش أولويات وتحديات الشباب المغربي في ظل التحولات الراهنة

في إطار ترسيخ ثقافة المشاركة المواطنة لدى الشباب، وتعزيز انخراطهم في النقاش العمومي حول قضاياهم الراهنة والمستقبلية، نظم المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، يوم السبت 31 ماي 2025، اللقاء الجهوي الخامس بجهة بني ملال – خنيفرة، تحت شعار: “الشباب المغربي: الأولويات والتحديات”، وذلك بدعم من مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية – مكتب المغرب، وبشراكة مع جمعية التأهيل للشباب. ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة من اللقاءات الجهوية المندرجة في إطار مشروع “الدينامية الشبابية من أجل المشاركة المواطنة”، وهي مبادرة وطنية تهدف إلى تمكين الشباب وتنظيماتهم من الانخراط الفعلي في الحياة العامة، على أساس مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز قدراتهم في الترافع حول قضاياهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد السيد يوسف الكلاخي، رئيس المركز، أن هذا اللقاء ينعقد في سياق وطني يتسم بتحولات كبرى على مختلف المستويات، مما يفرض تمكين الشباب من الآليات القانونية والمعرفية اللازمة لضمان مشاركتهم الفعلية في مسارات التنمية وصنع القرار العمومي. من جانبها، قدمت الدكتورة رقية أشمال، أستاذة جامعية وباحثة في قضايا المجتمع المدني، أرضية تأطيرية سلطت فيها الضوء على التحولات العميقة التي تعرفها فئة الشباب من حيث القيم والهويات، كما تطرقت إلى تأثير الأزمات المتتالية – الصحية والاقتصادية والبيئية – على تطلعاتهم الفردية والجماعية، مشددة على أهمية تبني مقاربات شاملة تراعي الخصوصيات المحلية وتؤسس لعدالة مجالية حقيقية. بدوره، أوضح الدكتور سعيد خمري أن اللقاء لا يسعى إلى إنتاج خطابات مثالية، بل إلى بلورة توصيات عملية قابلة للتنفيذ، تأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات الواقعية المتوفرة على الصعيد الترابي.

وقد تميز اللقاء باعتماد أرضية تأطيرية غنية تناولت خمسة محاور أساسية، شملت أوضاع الشباب في علاقتها بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية، وموقعهم ضمن المنظومة المؤسساتية، إضافة إلى قضايا البطالة والفقر، والعدالة المجالية، والمشاركة المواطنة، فضلاً عن التحول الرقمي. كما عرفت أشغال اللقاء تنظيم ورشات تفاعلية كانت بمثابة لحظة نقاش نوعية لتشخيص أبرز التحديات الميدانية التي تواجه الشباب في الجهة، من قبيل ضعف الولوج إلى الخدمات الأساسية، واستمرار الفوارق بين المناطق، وتصاعد وتيرة الهجرة نحو المدن الكبرى أو إلى الخارج.

وقد خلصت هذه الورشات إلى مجموعة من التوصيات العملية، شملت مجالات البيئة والهجرة، وريادة الأعمال، والتحول الرقمي، والمشاركة المواطنة. ففي ما يخص البيئة والهجرة، دعا المشاركون إلى تبسيط إجراءات الاستثمار لفائدة الجالية المغربية بالخارج، وإحداث مراكز للمواكبة في قضايا الهجرة والتنمية، مع توظيف كفاءات المهاجرين في مشاريع محلية ذات وقع مباشر. أما في مجال ريادة الأعمال، فقد أوصوا برقمنة المساطر المرتبطة بالمقاولة، وإحداث آليات تمويل مرنة وميسرة لفائدة حاملي المشاريع من الشباب، إلى جانب دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني خصوصاً في الوسط القروي. وبخصوص التحول الرقمي، تم التأكيد على ضرورة تعميم التكوينات الرقمية، وضمان حماية المعطيات الشخصية، ووضع إطار قانوني آمن لاستخدام الذكاء الاصطناعي. وفي مجال المشاركة المواطنة، شدد المشاركون على ضرورة مراجعة القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بما يضمن تمثيلية فعلية للشباب، وتفعيل المجالس الاستشارية للشباب كآليات مؤسساتية لإيصال صوتهم.

واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن أي سياسة عمومية جادة وفعالة يجب أن تضع الشباب في صلب اهتماماتها، ليس باعتبارهم مجرد مستفيدين من البرامج، بل كفاعلين مركزيين في صياغة السياسات وتحديد الأولويات وتنفيذ المشاريع على المستويين المحلي والوطني. كما شدد المتدخلون والمشاركون على أن استعادة الثقة بين الشباب والمؤسسات تمثل حجر الزاوية في أي مسار تنموي ديمقراطي عادل ومنصف.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!