أخبار

محمد أمين ترابي… خريج «الأخوين» الذي أعاد إلى مؤسسته روح المبادرة، وفتح أمامها آفاقاً جديدة بتدبير حديث ورؤية اجتماعية رصينة.

بقلم رشيد حبيل.

يقول ونستون تشرشل: «إنّ مستقبل كل مؤسسة يُبنى حين يتقدّم أشخاص يملكون الشجاعة ليفعلوا ما هو صائب، لا ما هو سهل».

في عالم يتسارع فيه إيقاع التغيير، وتزداد فيه الحاجة إلى كفاءات قادرة على الجمع بين المعرفة الحديثة وروح الالتزام، يبرز مسار محمد أمين ترابي كصورة معبّرة عن جيل جديد من الشباب المغربي الذي اختار أن يضع بصمته في المؤسسات المحلية، وأن يقدّم نموذجاً مشرفاً للتسيير الهادئ والرصين. فالشاب الذي تخرّج من جامعة الأخوين، واحدة من أبرز المؤسسات الأكاديمية في المغرب، عاد إلى مؤسسته الأولى لا ليحتل موقعاً وظيفياً فقط، بل ليمنح المكان إضافة حقيقية تقوم على رؤية شاملة وإرادة صادقة في الارتقاء بالخدمات المقدّمة للعاملين والمرتفقين على حدّ سواء.

منذ تولّيه مهام التسيير، بدا واضحاً أنّ محمد أمين ترابي لا يتعامل مع الإدارة باعتبارها واجهة رسمية، بل باعتبارها فضاءً إنسانياً يحقّ للعاملين فيه أن يجدوا شروط الراحة والطمأنينة والمواكبة. لذلك انكبّ على وضع تصور اجتماعي متكامل يهدف إلى تحسين الظروف المحيطة بالمستخدمين، عبر عقد شراكات متنوّعة مع مؤسسات اقتصادية وصحية وخدماتية، مما أتاح للعاملين خدمات معتبرة وتخفيضات تساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة اليومية. كانت هذه الخطوة تعبيراً عن قناعة راسخة لديه بأن نجاح المؤسسة لا ينفصل عن جودة المناخ الداخلي، وأن الاعتناء بالعنصر البشري هو حجر الأساس في أي تقدّم.

وفي امتداد لهذا النهج، أطلق مشروع مركز لغات بشراكة مع جامعة كامبريدج، وهو مشروع يكرّس انفتاح المؤسسة على آفاق دولية ويمنح الموظفين والطلبة وأبناء المدينة فرصة تطوير مهاراتهم اللغوية وفق معايير معترف بها عالمياً. لقد شكّل هذا المركز خطوة نوعية، لأنه يعيد تعريف دور المؤسسة بوصفها جسراً للمعرفة، ومصدراً لتمكين الشباب، ومجالاً يربط بين الاحتياجات المحلية والمعايير العالمية.

كما دخل ترابي في مسار تعاون متقدّم مع مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية لهيئة التربية والتكوين، وهي اتفاقية تُعد نقطة تحول مهمة في المسار الاجتماعي للمؤسسة، لأنها ستفتح المجال أمام العاملين للاستفادة من خدمات عالية الجودة في الصحة والترفيه والتكوين. هذا التعاون يعكس حرصه على جعل المؤسسة جزءاً من دينامية وطنية واسعة، وحرصه على أن تستفيد الموارد البشرية من شبكة خدمات متطورة تسندها وتقدّر جهودها.

إن ما يميز أسلوب محمد أمين ترابي في التسيير هو ذلك الجمع المتوازن بين الجدية والاحترام، بين المهنية والإنصات، وبين طموحه الخاص وطموح المؤسسة التي يديرها. وقد استطاع من خلال هذا التوازن أن يخلق علاقة ثقة داخل الفضاء الإداري، وأن يجعل التغيير تدريجياً، هادئاً، ومنسجماً مع قدرات الناس وتطلعاتهم. فالإدارة، في تصوره، ليست مكاناً لإصدار التعليمات فحسب، بل فضاء للحوار والعمل المشترك، وبيئة يجد فيها كل موظف موقعه ودوره وقيمته.

اليوم، تتجه المؤسسة نحو مرحلة جديدة من النمو، قائمة على مشاريع متكاملة في التكوين، والانفتاح، والدعم الاجتماعي. ورغم أن الطريق لا يزال ممتداً، فإنّ الأسس التي وُضعت خلال فترة تسيير ترابي تبشر بمسار واعد، وتمنح صورة إيجابية عن قدرة الشباب المغربي على إحداث أثر حقيقي حين تُمنح لهم الفرصة.

إنّ تجربة محمد أمين ترابي ليست تجربة فردية فقط، بل هي نموذج يعكس أهمية الكفاءات الشابة المتخصصة، ودور التعليم الجيد في تأهيل جيل قادر على تولي المسؤولية بثقة ونضج. وقد أبان من خلال مساره عن وعي عميق بأهمية خدمة المؤسسة والمجتمع، وعن قدرة على توظيف تكوينه الأكاديمي ورصيده من التجارب في بناء مشروع عملي، واقعي، ومتدرج.

وهكذا، يظل اسمه اليوم مرتبطاً بنقلة نوعية داخل المؤسسة التي يديرها، نقلة تقوم على احترام الإنسان، وعلى الانفتاح على الشراكات، وعلى جعل المعرفة محوراً للتطور. إنها صورة مشرّفة لشاب مغربي آمن بأنّ خدمة المكان الذي بدأ منه ليست عودة إلى الوراء، بل خطوة ثابتة نحو مستقبل أكثر وضوحاً ورسوخاً.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!