أخبارإقتصادسياسةمجتمع

مصادقة المجلس الحكومي على تنظيم التمويلات الصغيرة: خطوة نحو تمكين المقاولين الشباب وتعزيز الشمول المالي

تأثير تحديد سقوف السلفات والأسقف المالية على نمو المؤسسات الصغيرة وتقليل التفاوت الاقتصادي والاجتماعي

في خطوة مهمة تعكس حرص الحكومة على تنظيم قطاع التمويلات الصغيرة وتعزيز استقراره، صادق المجلس الحكومي يوم الخميس الماضي على مشروع مرسوم يحدد المبالغ القصوى للسلفات الصغيرة وأسقف الأموال التي تستقبلها مؤسسات التمويلات الصغيرة.
هذه المبادرة تأتي في سياق دعم الفئات ذات الدخل المحدود والمقاولات الصغيرة جداً، التي تشكل عماد الاقتصاد الوطني، وتسعى إلى توفير بيئة مالية متوازنة تضمن حقوق الجميع وتفتح آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي.

إن تحديد سقوف مالية واضحة للسلفات الصغيرة لا يقتصر على ضبط عمليات الإقراض فحسب، بل يمثل حماية ذكية للمؤسسات الصغيرة من المخاطر المالية التي قد تنجم عن منح قروض تفوق قدراتها، مما يعزز استقرارها ويمنحها القدرة على الاستمرار في أداء دورها الحيوي.
وفي الوقت نفسه، يوفر هذا الإطار حماية للمستفيدين من الوقوع في فخ الديون المتراكمة، إذ يضمن أن تكون السلفات ضمن حدود معقولة تتناسب مع إمكانياتهم، ما يعزز من ثقتهم في مؤسسات التمويل الصغيرة ويشجعهم على اللجوء إليها.
ويرى المقاولون الشباب والمقاولات الصغرى في هذه المصادقة فرصة لتعزيز نشاطهم الاقتصادي، إذ يتيح لهم الوصول إلى تمويلات ميسرة تساعدهم على تطوير مشاريعهم وخلق فرص عمل جديدة. غير أن بعضهم يعبر عن تحفظات تتعلق بكون المرسوم وحده لا يكفي لمعالجة كل التحديات التي تواجههم، مثل صعوبات الحصول على التمويل البنكي، تعقيدات الولوج إلى الصفقات العمومية، وتأخيرات الأداء، بالإضافة إلى غياب الحوافز الضريبية المناسبة التي تلعب دوراً محورياً في تحفيز النمو والتوسع. فغياب هذه الحوافز يزيد من العبء المالي على المقاولين الشباب ويحد من قدرتهم على استثمار الأرباح في تطوير مشاريعهم، ما قد يدفعهم إلى تأجيل خطط التوسع أو حتى التوقف عنها، خصوصاً في ظل تعقيدات الإجراءات الإدارية التي تثقل كاهلهم.

من جهة أخرى، توفر الحوافز الضريبية مثل الإعفاءات والتخفيضات تسهيلات مالية تشجع المقاولين على توسيع أنشطتهم والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، مما يعزز من تنافسيتهم واستدامة مشاريعهم. لذا، فإن غياب هذه الحوافز يشكل قيداً حقيقياً أمام نمو المقاولات الصغيرة ويحد من مساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وعلى صعيد أوسع، تساهم هذه السياسات في تقليل التفاوت الاقتصادي والاجتماعي من خلال ضمان وصول التمويل للفئات ذات الدخل المحدود بطريقة عادلة ومستدامة، مما يعزز من تكافؤ الفرص ويحد من الفوارق المالية بين الطبقات المختلفة. إذ أن تنظيم التمويلات الصغيرة يدعم إعادة توزيع الدخل والثروة بشكل أكثر عدالة، ويخلق فرص عمل جديدة ويزيد من الدخل، ما يسهم في تعزيز التماسك الاجتماعي وبناء نظام مالي واجتماعي متكامل يدعم التنمية المستدامة.

في الختام، تمثل مصادقة المجلس الحكومي على هذا المشروع خطوة استراتيجية نحو بناء بيئة تمويلية أكثر عدلاً وشفافية، تضمن استقرار مؤسسات التمويل الصغيرة وتحمي المستفيدين، مع ضرورة تكاملها مع إجراءات داعمة تشمل تبسيط آليات الدعم وتوفير حوافز ضريبية ملائمة. فنجاح هذه الخطوة يتطلب رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار التحديات العملية التي تواجه المقاولين الشباب والمقاولات الصغرى، لتكون بذلك نقطة انطلاق نحو اقتصاد أكثر شمولية وتوازناً، يعزز فرص النمو والازدهار للجميع.

وكالات

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!