أخبارجهاتفن وثقافة

مهرجان أغورا الدولي للسينما والفلسفة بفاس يحتفي بالسينما كجسر للحوار بين الثقافات في دورته العاشرة

تكريم شخصيات بارزة وبرنامج غني يعزز التلاقي الفكري والفني تحت شعار "السينما وحوار الثقافات"

فاس: علاش بريس:
شهدت مدينة فاس، من 16 إلى 21 ماي 2025، فعاليات النسخة العاشرة من مهرجان أغورا الدولي للسينما والفلسفة، الذي نظم تحت شعار “السينما وحوار الثقافات”، في حدث ثقافي وفني استثنائي جمع بين الفن السابع والفكر الفلسفي في منصة حوارية متجددة، عكست أهمية السينما كوسيط للتلاقي الثقافي وتعزيز قيم التسامح والتعايش.

📌 السينما والفلسفة وحوار الثقافات في مدينة فاس العريقة
تُشكّل السينما والفلسفة امتداداً طبيعياً لبعضهما البعض، حيث تتقاطعان في التأمل في ماهية الوجود، الإنسان، والعلاقات الاجتماعية والثقافية، لكن كل منهما يعبر عن هذه الأفكار بوسائل مختلفة؛ فالفلسفة تعتمد على النص والتفكير المجرد، بينما توظف السينما الصورة والحركة والمشهد لتجسيد هذه التأملات بطريقة وجدانية وبصرية تثير العاطفة والفكر معاً. ومن هنا ينبع شعار النسخة العاشرة من مهرجان أغورا الدولي للسينما والفلسفة بفاس 2025: “السينما وحوار الثقافات”، الذي يؤكد على قدرة الفن السابع في تعزيز التفاهم والتواصل بين الشعوب والثقافات المختلفة، ومقاومة الصراعات والصدامات الثقافية من خلال لغة مشتركة تجمع بين الفكر والفن.
وتأتي فاس، العاصمة العلمية والروحية للمغرب، في قلب هذا الحدث الثقافي العالمي، حاملة إرثاً حضارياً غنياً يمتد عبر قرون، حيث تمثل فضاءً متميزاً للإشعاع الثقافي والفكري والعلمي، بموروثها المعماري، وأسواقها، وأزقتها العتيقة التي تعكس تنوع الذاكرة الجماعية للمملكة وأصالة حضارتها. هذا الموروث يجعل من فاس المكان الأمثل لاستضافة مهرجان يجمع بين السينما والفلسفة، ويحتفي بحوار الثقافات، في مدينة تمزج بين الأصالة والمعاصرة، وتظل منبرًا حيويًا للتلاقي الفكري والفني في المغرب والعالم.
📍انطلقت فعاليات المهرجان بحفل افتتاح رسمي مهيب، حضره مخرجون ونقاد ومفكرون من الحوض المتوسطي ومختلف أنحاء العالم، حيث تم تكريم شخصيات بارزة في مجالات السينما والإعلام والفكر، من بينهم النجم عز العرب الكغاط، الصحفي يونس سعد العلمي الحاصل على جائزة ابن رشد، والإعلامي عزيز باكوش، في اعتراف بمساهماتهم المتميزة في إثراء المشهد الثقافي المغربي وتعزيز الحوار بين الثقافات.
كما شهد الحفل تكريم إليزابيث جيرستاد، وفؤاد ارواضي، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس-مكناس، إلى جانب توقيع عدد من الكتب التي تناولت العلاقة بين السينما والفكر، مثل “أسئلة الفيلم” لمحمد هويداتي و”الشروق الجميل في السينما” لعزيز حدادي، رئيس جمعية أصدقاء الفلسفة ومدير المهرجان.
تميز برنامج الدورة بعروض سينمائية متنوعة شملت 23 فيلماً قصيراً وطويلاً، شارك بعضها في المسابقة الرسمية لنيل جائزة ابن رشد، التي ترمز إلى قيم التسامح والتعايش، فيما عرضت أفلام أخرى خارج المسابقة، مما أتاح للجمهور فرصة الاطلاع على إنتاجات سينمائية تعكس موضوع الحوار بين الثقافات. كما تضمن المهرجان ورشات عمل متخصصة لفائدة طلبة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي وجامعة سيدي محمد بن عبد الله، إلى جانب ماستر كلاس ومحاضرات نقدية حول علاقة السينما بالفلسفة.
للإشارة ،جاءت النرويج ضيف شرف هذه الدورة، حيث قدمت مجموعة من الأفلام القصيرة التي تناولت قضايا إنسانية واجتماعية عميقة، أبرزها فيلم “عيد ميلاد سعيد” للمخرجين نينا إليزابيث جيرستاد وبول تورين، الذي تناول موضوعات حساسة مثل العنف والاغتصاب بأسلوب صادق وواقعي، مما أضاف بُعداً دولياً وإنسانياً للمهرجان.

وفي كلمته خلال الافتتاح، أكد عزيز حدادي أن النسخة العاشرة تسعى إلى ترسيخ رسالة المهرجان في نشر الفن والفكر، خصوصاً بين الشباب، لتعزيز قيم الحوار والتسامح ونبذ الكراهية، معتبراً السينما أداة فعالة لمقاومة الصراعات الثقافية والاجتماعية.
كما احتضن المهرجان ندوات ومائدة مستديرة بعنوان “السينما والفلسفة، أية علاقة؟”، شارك فيها فلاسفة ونقاد بارزون، بالإضافة إلى عروض أفلام مرافقة بحوارات نقدية، مما جعل المهرجان فضاءً للتلاقي الفكري والفني.

على الرغم من إشعاعه الثقافي، عبّرت إدارة مهرجان أغورا عن معاناتها من التهميش والحصار المالي، الذي أثر على قدرته على تغطية تكاليف الضيافة، مما دفع المنظمين إلى الاعتماد على دعم محدود وفتح البيوت الفاسية لضيوفهم، في تحدٍ يعكس واقع المشاريع الثقافية الجادة في المغرب.
وفي ختام هذه النسخة العاشرة من مهرجان أغورا الدولي للسينما والفلسفة بفاس، يتجلى بوضوح الدور الحيوي الذي تلعبه السينما كوسيط ثقافي وفني قادر على بناء جسور الحوار والتفاهم بين الشعوب والثقافات. لقد أكد المهرجان، من خلال برامجه المتنوعة وتكريماته الرفيعة، على أهمية الجمع بين الفن والفكر في مواجهة تحديات العصر، وتعزيز قيم التسامح والتعايش. وتظل فاس، بمكانتها التاريخية والثقافية العريقة، الحاضنة المثالية لهذا الحدث الذي يفتح آفاقاً جديدة للحوار بين الثقافات، ويعزز من إشعاع المغرب على الساحة الثقافية الدولية. إن مهرجان أغورا ليس مجرد مناسبة سينمائية، بل منصة فكرية وفنية تنبض بالحياة، تلتقي فيها الرؤى وتتلاقى الأفكار، لتبقى رسالة السينما والفلسفة حية ومتجددة في قلب المجتمع.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!