وفاة أحد المشجعين وأعمال شغب كبيرة في مباراة الاتحاد المنستيري ضد مولودية الجزائر
تتسم مباريات كرة القدم في الجزائر بتعابير سياسية قوية من الجماهير، حيث ترفع شعارات تعكس قضايا وطنية. مؤخرًا، شهدت مباراة بين فريق جزائري وآخر تونسي تدخلًا عنيفًا من السلطات، مما أدى إلى وفاة أحد المشجعين واعتداء على الفريق التونسي.
شهدت مباراة الاتحاد المنستيري ضد مولودية الجزائر، مساء يوم السبت الأخير، بملعب “علي عمار” أعمال شغب كبيرة دفعت قوات من الدرك الوطني والجيش، لإجلاء آلاف المشجعين من المدرجات بعد أن تعالت الاحتجاجات والشعارات السياسية ورمي الشهب الاصطناعية على أرضية الملعب، واظهرت مقاطع فيديو رمي قوات من العسكر، شاب من الطابق العلوي لمدرجات الملعب، مما أدى الى وفاته، وهو بالمناسبة طالب اسمه وليد يبلغ من العمر 23 سنة…
هذه الحوادث تبرز التوترات السياسية والاجتماعية في البلاد، حيث تعتبر الجماهير الملعب منصة للتعبير عن مواقفها تجاه القضايا المحلية والدولية، وسط قمع متزايد من السلطات.
وبعد الحادث المؤسف الذي أدى إلى وفاة مشجع جزائري، تفاعلت الجماهير الجزائرية بشكل عنيف مع الفريق التونسي فبينما أظهرت بعض الجماهير تعاطفًا مع الفريق التونسي، إلا أن هناك أيضًا ردود فعل غاضبة اتجاهه أدت إلى اعتداءات على لاعبين تونسيين مما أثار انتقادات واسعة من وسائل الإعلام والجماهير التونسية وعموم متابعي كرة القدم حيث اتهمت السلطات الجزائرية بالتقصير في تأمين مثل هذه المباريات. كما أن هذه الأحداث التي تشهدها جل مباريات كرة القدم القارية على أرض الجزائر تعكس التوترات المستمرة بين الجماهير الجزائرية والفرق الإفريقية عامة،والمغربية والتونسية بالخصوص ، مما يستدعي تدخلًا صارمًا من الكونفدرالية الافريقية للعبة كرة القدم لضمان سلامة اللاعبين والمشجعين الضيوف.
وحول ما جرى ، تباينت الآراء حول الأحداث الأخيرة وتأثيرها على العلاقات بين الجماهير في البلدين.
وأظهر بعض من الجماهير التونسية تضامنًا مع الفريق الجزائري في مواجهة السلطات وعبرت عن دعمها لضحايا العنف الذي تعرض له المشجعين الجزائريين وعن استنكارها للاعتداءات التي وقعت من طرف السلطات الأمنية، كما أن هناك أيضًا انتقادات من بعض الأوساط حول تصرفات الجماهير الجزائرية التي اتسمت بالفوضى والهمجية والاعتداء على الفريق الضيف.
وسائل الإعلام التونسية ردت على التفاعلات الجزائرية بعد الحادث المؤسف بتعزيز روح التضامن مع المشجعين الجزائريين، وتناولت التقارير الحادث بشكل شامل، مشيرة إلى ضرورة تحسين الأمان في المباريات وتجنب العنف.
كما انتقدت بعض وسائل الإعلام التونسية السلطات الجزائرية بسبب عدم كفاية التدابير الأمنية وسلطت الضوء على الاعتداءات التي تعرض لها الفريق التونسي، مما أثار قلقًا بشأن العلاقات الرياضية بين البلدين.
والملاحظ أن وسائل الإعلام الجزائرية تعاملت مع أحداث العنف التي شهدتها مباراة كرة القدم بشكل متناقض. بينما انتقدت بعض التقارير الرسمية قمع الجماهير، اختارت العديد من وسائل الإعلام التعتيم على الأحداث، مبررة تدخل قوات الدرك الوطني بحجة الفوضى وعدم احترام الروح الرياضية.
في المقابل، اهتمت وسائل الإعلام بالتأكيد على انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها المهاجرين السريين في سياق الأحداث التي عرفتها مدينة الفنيدق بالمغرب، مما يعكس ازدواجية في المعايير. وإذ تم تجاهل أو تقليل أهمية تغطية الأحداث العنيفة داخل الملعب، اختارت وسائل الإعلام الجزائرية التركيز على انتقاد السلطات المغربية بدلاً من معالجة القضايا الداخلية.
كما استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لنشر ادعاءات كاذبة حول ما جرى في محاولة الهجرة الجماعية لمدينة سبتة المحتلة، وهو ما أظهر تباينًا في التغطية بين الإعلام الرسمي والمصادر المستقلة ومدى محاولة النظام الجزائري خداع الشعب الجزائري وتوجيه أنظاره عما يجري ويدور بوطنه وتوريط المملكة المغربية بشتى الطرق بعد اخفاقاته الدبلوماسية.
يؤثر التعتيم الإعلامي على الثقة في النظام الجزائري بشكل كبير، حيث يعزز من مشاعر الشك والقلق بين المواطنين وتظهر هذه الديناميكيات أن النظام الجزائري يواجه أزمة شرعية متزايدة، حيث يصبح أكثر هشاشة أمام أي تحرك شعبي معارض.
وحول ما جرى،تحدث مدرب الاتحاد الرياضي المنستيري التونسي، محمد الساحلي، عن الاعتداءات التي تعرض لها فريقه في الجزائر، خلال المباراة التي انهزم فيها أمام المولودية (2-0)، برسم إياب الدور التمهيدي الثاني لدوري أبطال أفريقيا.
وقال في تصريحات صحفية أعقبت المباراة: “منذ قدومنا للجزائر ونحن نتدرب في ملعب لا يصلح لأي شيء، وبعد ذلك وعدونا بالتمرن في اليوم الأخير بالملعب الذي سنخوض فيه المباراة إلا أنهم رفضوا في آخر لحظة”.
وتابع: “وصلنا للمباراة قبل 55 دقيقة من انطلاق المباراة، بدل ساعة و45 دقيقة، وكان يجب أن نتفقد الملعب والقيام بالتسخينات إلا أنه لم يتوفر لنا هذا الأمر”.
وأضاف: “قامت الجماهير بسبنا وضربنا بالحجر، وبعد اجتيازنا للشوط الأول بشكل طبيعي، دخلنا لغرفة تغيير الملابس، وقام مجموعة من الناس باقتحام المكان ولَكمنا وضرب اللاعبين بالكفوف، ونفس الأمر وقع بعد الشوط الثاني”.
واختتم: “هناك لاعب في المولودية لعب في الدوري التونسي من قبل، جاء عندي وطلب مني السماح على الأحداث التي وقعت، وقال لي هذا الذي يجب أن يحدث، لأنه لو لم تفز المولودية لن نستطيع الخروج من الملعب”.