أخبار

الحكومة بين رمزية الجلباب وواقع الاحتجاجات (*كمال الشمسي باحث في العلوم السياسية والتواصل السياسي)

علاش بريس

شهد اجتماع مجلس الحكومة اليوم الخميس مشهداً لافتاً؛ حيث ظهر رئيس الحكومة ومعظم وزرائه مرتدين الجلباب المغربي والطربوش الأحمر، في مقابل محافظـة وزير الداخلية ووزير الخارجية على اللباس العصري.

هذا المشهد لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي عابر، بل يحمل في طياته دلالات سياسية ورمزية. فاللجوء إلى الزي التقليدي يعكس محاولة لإبراز التشبث بالهوية الوطنية والثقافة المغربية، خصوصاً في ظرفية دقيقة تعرف فيها المملكة موجات من الاحتجاجات الاجتماعية.

الجلباب هنا يراد له أن يكون رسالة قرب من الشعب، وأن الحكومة ليست جسماً غريباً عنه، بل امتداد لنفس النسيج الثقافي. كما أن استحضار اللباس التقليدي يوحي بالتناغم مع المؤسسة الملكية التي تحضر في الطقوس والمناسبات الوطنية باللباس نفسه، في محاولة لتأكيد وحدة الصف والانسجام الرمزي في لحظة حساسة.

لكن اللافت أن وزير الداخلية ووزير الخارجية اختارا الحفاظ على البذلة العصرية، وهو ما يمكن قراءته كإشارة إلى طبيعة أدوارهما المرتبطة بالمؤسسات الأمنية والدبلوماسية، حيث تغلب الواقعية العملية على الرمزية الثقافية.

غير أن هذه الخطوة، رغم رمزيتها، قد تظل شكلية إذا لم ترافقها إجراءات ملموسة تعالج جوهر المطالب الاجتماعية. فالمواطنون الذين خرجوا للاحتجاج لا يبحثون عن رموز فولكلورية بقدر ما يطالبون بالعدالة الاجتماعية وتحسين مستوى العيش.

الجلباب في مجلس الحكومة، يمكن ان يكون بادرة رمزية تحمل رسائل هوية وانتماء، لكنه يظل في نظر الشارع خطوة محدودة القيمة إن لم يترجم إلى سياسات حقيقية تخفف من حدة الأزمة الاجتماعية وتستجيب لتطلعات المغاربة.

وعليه فإن ارتداء الجلباب في هذا التوقيت ليس مجرد اختيار شكلي، بل يحمل رسالة سياسية مزدوجة:

إظهار الحكومة في صورة “وطنية أصيلة” متماهية مع هوية المغاربة.

في الوقت نفسه، محاولة لامتصاص جزء من الاحتقان الشعبي عبر الرمزية الثقافية والدينية.

لكن هذه الرمزية قد تفقد أثرها إن لم تترجم إلى قرارات ملموسة تعالج جذور الاحتجاجات (غلاء الأسعار، البطالة، الخدمات العمومية).

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!