وجه رئيس الجالية الفلسطينية بهولندا، واثق سعادة، رسالة إلى الملك الهولندي يوضح فيها أن الفلسطينيين لا علاقة لهم بالأحداث التي وقعت في أمستردام، حيث تعرض مشجعو فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي للاعتداء.
سعادة اتهم بعض الجماعات بالتورط في الأحداث، مشيراً إلى أن ما حدث هو جزء من “مخطط مخابراتي” للترويج لمعاداة السامية ،كما أشار إلى اعتداءات على الممتلكات، بما في ذلك تمزيق الأعلام الفلسطينية وأكد أن المشجعين الإسرائيليين هم من بدأوا العنف وأن الجمهور الإسرائيلي استخدم شعارات تحرض على الكراهية واعتدى على الممتلكات.
كما اتهم السلطات الهولندية بالتواطؤ مع الاحتلال، مشيراً إلى اعتقال 62 شخصًا دون أن يتم القبض على أي مشجع إسرائيلي.
من جانبها ،ردت السلطات الهولندية بشكل متباين على الأحداث التي وقعت في أمستردام ووصفت عمدة المدينة، فيمكي هالسيما،الاشتباكات بأنها “ليلة سوداء” وأكدت وقوع إصابات، بينما أعلن وزير الخارجية كيسبر فالدكامب عن إجراء تحقيق شامل لتحديد مدى تصرف الحكومة بشكل مناسب وفي الوقت نفسه، استقالت نورة أشهبار، سكرتيرة الدولة من أصل مغربي، احتجاجًا على تصريحات زملائها التي اعتبرتها عنصرية، مشيرة إلى عدم وجود أدلة تدعم الاتهامات الموجهة للجالية المغربية.
وتعاملت السلطات الهولندية مع الجالية الإسرائيلية بشكل ملحوظ بعد مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باتخاذ إجراءات سريعة ضد مثيري الشغب ووصفه للحادث بأنه “مروع”، كما أرسل طائرتين لإجلاء المشجعين الإسرائيليين من المدينة بالموازاة مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، هولندا ناقش خلالها مع نظيره الهولندي تعزيز الأمن للجالية اليهودية، مشددًا على ضرورة محاسبة المعتدين وأكدت له الحكومة الهولندية أنها ستجري تحقيقات شاملة لمحاسبة الجناة
وفي نفس السياق ،تفاعلت الجالية المغربية بشكل حاد على تصريحات رئيس الجالية الفلسطينية، واثق سعادة، بإدانة الأحداث التي وقعت في أمستردام إذ عبرت فدرالية الجمعيات المغربية التي أصدرت بيانًا تعبر فيه عن “سخطها العميق” تجاه ما اعتبرته أفعالًا معادية للسامية، مؤكدة التزامها بالتسامح والتعايش السلمي.
كما أكدت الفيدرالية أن محاولات وصم الجالية المغربية تهدف إلى تشويه صورتها وتقويض التعايش مع الجالية اليهودية.
و على وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبرت بعض التعليقات أن الأحداث كانت رد فعل طبيعي على استفزازات الجمهور الإسرائيلي، مما أدى إلى انقسام في الآراء حول كيفية التعامل مع الوضع.
وجاءت ردود أفعال الجاليات العربية تجاه تصريحات أبو سعادة، رئيس الجالية الفلسطينية في هولندا، متباينة حيث أن العديد من الأفراد عبروا عن دعمهم لتصريحاته التي تتهم المشجعين الإسرائيليين بالتحريض والعنف، مشيرين إلى أن الأحداث تعكس التوترات المتزايدة بسبب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي المقابل، انتقد البعض تصريحات أبو سعادة، معتبرين أنها قد تؤجج المشاعر السلبية بين الجاليات المختلفة في هولندا. والجالية المغربية، على وجه الخصوص، أدانت العنف وأكدت على أهمية التعايش السلمي، مما يعكس انقساماً في الآراء حول كيفية التعامل مع الأحداث الأخيرة.
بعد أحداث الشغب هاته، اتخذت السلطات الهولندية عدة إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الأعمال حيث تعزيز وجود الشرطة في المدينة، إذ تم نشر أكثر من 800 عنصر أمني لتأمين الأحداث. كما تم اعتقال 62 شخصًا على خلفية الاشتباكات، مع إجراء تحقيقات شاملة لتحديد المسؤولين عن العنف، وأكدت عمدة أمستردام، فيمكي هالسيما، على أهمية محاسبة المجرمين ودعت إلى تعزيز الأمن لحماية جميع المواطنين
وفي هذا الصدد ،يتعامل نظام العدالة الجنائية في هولندا مع الجناة من خلال مجموعة من الإجراءات القانونية التي تركز على الردع وإعادة التأهيل. يتم إنفاذ القانون عبر الشرطة الوطنية، التي تتكون من أكثر من 50,000 فرد.
عند ارتكاب الجرائم، يتم التحقيق من قبل الشرطة، ثم تُحال القضايا إلى المحاكم التي تشمل 19 محكمة مقاطعة
و5 محاكم استئناف.
ويعتمد النظام على عقوبات تتراوح بين الغرامات والسجن، مع التركيز على إعادة التأهيل بدلاً من العقوبات القاسية، كما يُعطى الجناة فرصة لتلقي الدعم الاجتماعي والنفسي لتقليل احتمالية العودة للجريمة.
وللإشارة ،يختلف نظام العدالة الجنائية الهولندي عن نظم العدالة في الدول الأخرى بعدة جوانب رئيسية:
التركيز على إعادة التأهيل: يركز النظام الهولندي بشكل أكبر على إعادة تأهيل الجناة بدلاً من العقوبات القاسية، مستندًا إلى فلسفة العدالة التأهيلية.
القانون الجنائي: يعتمد القانون الهولندي على قانون نابليون، مما يجعله مختلفًا عن أنظمة القانون العام السائدة في دول مثل الولايات المتحدة.
هيكل المحاكم: يتكون النظام القضائي من 19 محكمة مقاطعة و5 محاكم استئناف، مع وجود محكمة عليا واحدة، مما يوفر هيكلًا منظمًا للتعامل مع القضايا.
استقلال القضاء: يتمتع القضاة في هولندا باستقلالية تامة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، مما يعزز نزاهة النظام القضائي.
الشفافية والمشاركة: يتمتع المواطنون بإمكانية الوصول إلى المعلومات القانونية، مما يعزز الشفافية ويشجع على المشاركة في العملية القضائية.
ومن الملاحظ أن قانون نابليون يؤثر بشكل كبير على نظام العدالة الجنائية الهولندي، حيث يُعتبر الأساس الذي بُني عليه القانون الجنائي في هولندا. فبعد فرضه خلال الإمبراطورية الفرنسية، احتفظ الهولنديون بقانون نابليون بعد استقلالهم، لكنه تم تعديله ليعكس التركيز على العدالة التأهيلية بدلاً من العقوبات القاسية.
هذا التحول يعكس فلسفة العدالة الهولندية التي تسعى إلى تقليل الجريمة من خلال إعادة تأهيل الجناة، مما يختلف عن بعض الأنظمة الأخرى التي تركز أكثر على العقوبات السلبية. كما أن الهيكل القضائي في هولندا يعتمد على تنظيم محاكمات واضحة وشفافة، مما يعزز حقوق الأفراد ويضمن العدالة.
نص البيان الصادر عن الجالية الفلسطينية
امستردام، 9 نوفمبر 2024
باسم الجالية الفلسطينية في هولندا، ندين ونستنكر بشدة التصرفات الهمجية التي ارتكبها مشجعي نادي مكابي تل أبيب، والتي شملت اعتداءات على الممتلكات الخاصة ونشر خطاب كراهية وعنصرية موجه ضد العرب والفلسطينيين. إن هذه الأفعال غير المسؤولة لا تشكل فقط انتهاكاً للقوانين الهولندية، بل تمثل تهديداً خطيراً للسلم المجتمعي والقيم الأساسية التي تقوم عليها العدالة والمساواة في المجتمع الهولندي.
نحمّل هؤلاء المشجعين كامل المسؤولية عن هذا السلوك العدائي ونطالب الحكومة الهولندية وأجهزة الشرطة باتخاذ إجراءات فورية وفعّالة لمحاسبة جميع المتورطين في هذه الأحداث، إذ إن التساهل مع مثل هذه التصرفات قد يؤدي إلى تصاعد العنف ويقوّض أسس العدالة والمساواة التي يجب أن تحمي الجميع دون استثناء.
كما ندعو الحكومة الهولندية إلى التعامل بإنصاف مع مناصري القضية الفلسطينية الذين يعبرون عن موقفهم العادل والإنساني الرافض للظلم والاعتداءات على الشعب الفلسطيني. ونؤكد على ضرورة تجنب ازدواجية المعايير والنفاق السياسي في قضايا حقوق الإنسان، واتخاذ موقف ثابت ينسجم مع المبادئ الأساسية للعدالة والمساواة التي يعتز بها المجتمع الهولندي.
إننا، إذ نؤكد على دعمنا الكامل لحقنا المشروع في التعبير عن موقفنا المناهض للإبادة ورفضنا القاطع لكل أشكال القمع في جميع أنحاء هولندا، نعتبر حرية التعبير حقاً أساسياً لا يمكن التنازل عنه. ونطالب الحكومة الهولندية بالالتزام بحماية هذا الحق واحترامه لكافة مكونات المجتمع، تماماً كما تحمي حقوق أي فئة تدافع عن العدالة والمساواة.
ونشدد كذلك على ضرورة اتخاذ الحكومة الهولندية إجراءات حازمة لحماية مناصري الحق الفلسطيني من أية ضغوط أو انتهاكات، بما يعكس التزامها الحقيقي بمبادئ العدالة. إن التزامنا بالعدالة وحقوق الإنسان ثابت لا يتزعزع، وسنواصل السعي لبناء مجتمع يرفض الظلم والتمييز ويكرس حقوق الشعوب في الحياة بكرامة وأمان، لضمان أن يُسمع صوت العدالة في كل مكان.
انتهى
واثق السعادة