في مقارنة بين الفيلم الايراني “بذرة شجرة التين المتوحشة” وفيلم نبيل عيوش “الكل يحب تودا” كتب الباحث المغربي في السينما والسمعي البصري عبد الرازق الزاهير في تدوينة له بصفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك سماها “هي مجرد ارتسامات …” على أن التركيز على المال في الأعمال الفنية قد يعيق الإبداع والفكر.
وننقل هنا بأمانة ما جاء في تدوينته لقرائنا الأعزاء:
عندما تشاهد من مسافة زمنية قصيرة فيلمين مغربي وايراني في مهرجان مراكش الدولي للفيلم، تتأكد لديك قناعة راسخة بأن المال لا فكر له ولا ابداع.
شتان ما بين فيلم بدر ة شجرة التين المقدسة أو الموحشة وبين فيلم تودا، أو الكل يحب تودا…
ويزداد الفرق حين الانصات الى كلمتي كل من محمد رسولوف ونبيل عيوش، الذي يلمح الى أسلوبين متباعدين.في الرؤية والإخراج والموقف من العالم.
كلمة عيوش أساءت للعمل حين راهن بالقول أن الغاية من المحكي الفيلمي هو الاحتفاء بظاهرة الشيخات التي لم ترق ولو للحظة إلى رهان درامي ومرد ذلك في نظري إلى الكتابة الجاهلة بالموضوع كقضية ثقافية وكبناء درامي متماسك.
فيلم عيوش يحبل بالصنعة والتمكن من اللغة التقنية غير أنه يفتقد للعمق من الصناعة إلى الفيلم إلى الجمال….وهو ما يتناقض جملة وتفصيلا مع عمل محمد رسولوف…بفضل حكي حميمي هادىء، يمزج بين تصوير أمكنة مغلقة وضيقة وأخرى منفتحة على الخارج هي أقرب إلى التسجيلي وهو ماكان في كثير من المشاهد.ناهيك عن اقتصاد في الحوار ، عمق في التصوير خاصة المشاعر الخاصة بالشخصيات عموما وأسرة البطل ايمان تحديدا…علما أن للاسم دلالة رمزية ودرامية مهمة في مسار المحكي الفيلمي. كل النظرات والكلمات حتى الصمت نفسه له دلالة قوية.
الجزء الثاني من الفيلم يذكرنا بكتابات الفريد هتشكوك
أو ما يعرف ب twist….الذي يقلب الصراع من الخارج الى الداخل وتختزل السلطة القمعية في الأب الذي يتحول إلى جلاد معلن واسرته الى ضحية.
ولقد لعب المسدس الوظيفي للبطل دور القوة الفاعل في القصة الدر امية بشكل متمكن وهادف.
اما فيلم تودا فهو إشباع لنظر ة استشراقية يستجيب لانتظارات واختيارات المنتج الأوربي.
كنا نأمل أن نرى العيطة والشيخات يرتقيان إلى فيلم ينزاح بالمتفرج عن الصور النمطية، واعادة إنتاج جانب من المتخيل الجمعي..
يبدو من المشاهدة الوحيدة والأولى أن فيلم تودا مصنوع بحرفية غير أنه غير مسكون بالمرة بالقضية ..قضية الشيخات…
إن السينما مهنة دربة ومراس ولكن هي أيضا حس ورؤية وموقف.
قد لا يكون لكلامي الانطباعي معنى لو لم أسمع كلمة المخرج والبطلة عن الفيلم…وانا على قناعة أن هذا الكلام مردود، لأن الفيلم كفيل بالتعبير عن قضيته الفكرية والفنية…وبالتالي فكل ما قيل هو مجرد كلام لايجب الاعتداد به..
تدوينتي مجرد انطباع علما أن المقارنة مجحفة بين الفيلم الإيراني وبين الفيلم المغربي…وأن الفيلمين يلزمانني بقراءة تحليلية متأنية مع التصريح بزاوية نظري الفكرية والجمالية….
هي مجرد ارتسامات …”
انتهت التدوينة..
من هو كاتب هذه الابتسامات ؟
إنه السيد عبد الرزاق الزاهر هو ناقد سينمائي ومؤرخ مغربي، له دور بارز في تطوير النقد السينمائي في المغرب.
شارك في تأسيس شعبة الإجازة التطبيقية في السينما بكلية الآداب ابن مسيك في الدار البيضاء. كان له دور في تعزيز التعليم السينمائي بالمغرب، ويُعتبر شخصية مؤثرة في الساحة الثقافية المغربية.
عبد الرزاق الزاهر شارك في مهرجان مراكش 2024 كعضو في لجنة تحكيم صندوق الدعم، حيث كان له دور في تقييم ميزانيات الأفلام. كما ساهم في تعزيز النقاش حول السينما المغربية من خلال انتقاداته البناءة، مما يعكس اهتمامه بتطوير الصناعة السينمائية في المغرب.
ساهم في الترويج لسينما المغرب خلال مهرجان مراكش 2024 من خلال دوره كعضو في لجنة تحكيم صندوق الدعم. كما شارك في جلسات نقاش وورش عمل، مما ساعد على تسليط الضوء على الأعمال السينمائية المغربية وتعزيز الحوار حول قضايا الصناعة.
ومن خلال انتقاداته البناءة وتحليلاته، ساهم الزاهر في تعزيز الوعي بأهمية السينما المغربية على الساحة الدولية، مما يعكس تطلعات السينمائيين المغاربة ويعزز مكانتهم في المهرجان.
والسيد عبد الرزاق الزاهر باحث أكاديمي وخبير في سيميولوجيا السينما والتلفزيون وما يتصل بهما، وله عدة مؤلفات في السينما والإعلام التلفزيوني والمسرح، وهو أحد أعمدة المعهد العالي المهن السمعي البصري والسينما، الذي عمل به كأستاذ مساعد مكلف بالدراسات، وكذلك كمسؤول عن سلك الماستر، حيث سهر على تكوين أفواج متعاقبة من الطلبة.
وعين السيد عبد الرزاق الزاهر منصب مدير المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما في المغرب في سنة 2019 حيث ساهم في تطوير البرامج التعليمية والتدريبية. عمل على تعزيز النقد السينمائي الأكاديمي، مع التركيز على أهمية التعليم الفني والمهني في السينما. تحت إدارته، تم تجهيز المعهد بمعدات حديثة، وفتح مجالات جديدة للتخصصات، مثل سلك المهندس. كما أطلق مبادرات لتعميق الفهم النقدي والبحث العلمي في السينما المغربية، مما ساعد في تأهيل خريجين متميزين في هذا المجال.
.