الذكرى الـ 80 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال
يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، يوم (11 يناير)، ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي تعد حدثا نوعيا في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية
تعد وثيقة المطالبة بالاستقلال المغربية، المقدمة في 11 يناير 1944، على أنها خطوة حاسمة نحو الاستقلال. أعدها رجال الحركة الوطنية بالتنسيق مع المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، وطالبت باستقلال المغرب ووحدة ترابه.
جاءت الوثيقة في سياق تاريخي مميز خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كانت هناك تغيرات سياسية واجتماعية ملحوظة. وردت سلطات الحماية الفرنسية آنذاك باعتقالات واسعة ضد القوميين، مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية.
وتعتبر هذه الوثيقة رمزًا للكفاح الوطني المغربي ضد الاستعمار.
وساهم السلطان المغفور له محمد الخامس بشكل كبير في تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944. حيث كان له دور رئيسي في التنسيق بين الحركة الوطنية والقصر الملكي، وأبدى دعمه العلني للحركة الوطنية مع تأكيده على ضرورة الاستقلال.
ولضمان تمثيل جميع فئات المجتمع المغربي ،تم إعداد الوثيقة بالتشاور مع السلطان، الذي ساهم بأفكاره السياسية . كما اجتمع مع شخصيات وطنية لتوحيد المطالب، مما أظهر تلاحم العرش والشعب في الكفاح من أجل الحرية.
وكانت من أبرز مطالب وثيقة المطالبة بالاستقلال المغربية، المقدمة في 11 يناير 1944، تشمل:
📍استقلال المغرب: الدعوة إلى إنهاء الحماية الفرنسية وإقامة دولة مستقلة.
📍وحدة التراب الوطني: التأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد.
📍حكومة دستورية ديمقراطية: المطالبة بإقامة نظام سياسي يضمن حقوق جميع المواطنين.
📍إصلاحات اجتماعية واقتصادية: تحسين ظروف الحياة للمغاربة، بما في ذلك التعليم والصحة.
وتضمنت وثيقة المطالبة بالاستقلال مطالب اجتماعية، كانت من أبرزها :
📍تحسين التعليم: التركيز على التعليم الابتدائي وتوفير فرص التعليم للجميع.
📍تطوير الصحة: إنشاء المستوصفات والمستشفيات لتحسين الخدمات الصحية.
📍تحسين ظروف العمل: تحديد ساعات العمل بثماني ساعات يوميًا، وتحسين ظروف العمال المغاربة.
كما شملت الوثيقة مطالب لإصلاحات في مجالات أخرى مثل الإدارة والاقتصاد، مما يعكس الوعي الاجتماعي والسياسي للمغاربة في تلك الفترة.
وأدى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 نتائج مباشرة ورد فعل قاس من سلطات الاحتلال الفرنسي الذي تمثل أولا في تصاعد الضغوط على الملك بسبب دعمه للحركة الوطنية ومطالب الاستقلال .
تم نفي المغفور له الملك محمد الخامس إلى خارج المغرب في 20 غشت 1953 حيث جاء هذا القرار نتيجة لمعارضته للسياسات الفرنسية ورفضه توقيع بروتوكولات تعزز السيطرة الاستعمارية.
نُقل الملك وعائلته أولاً إلى جزيرة كورسيكا، ثم إلى مدغشقر في يناير 1954.
هذا النفي أثار ردود فعل قوية من الشعب المغربي وأدى إلى تصاعد المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي .
وقامت القوات الفرنسية،كرد فعل على تقديم الوثيقة وتصاعد المقاومة ، بحملة اعتقالات واسعة ضد القوميين، شملت العديد من الشخصيات البارزة مثل أحمد بلافريج وعبد العزيز لحرش وعبد العزيز بن إدريس العمراوي.
ومن الجانب الشعبي، اندلعت مظاهرات في عدة مدن مغربية، مثل الرباط وفاس، احتجاجًا على اعتقالات القوميين، مما أدى إلى قمع عنيف من السلطات الفرنسية المحتلة باستخدام القوة من قبل قواتها، إذ تم إطلاق النار على المتظاهرين في عدة مدن .
ومن أبرز المظاهرات الشعبية التي اجتاحت الشوارع المغربية ردًا على قرار نفي المغفور له الملك محمد الخامس نذكر:
🖍️انتفاضة 16 غشت 1953: بدأت في مدينة وجدة، حيث خرج المواطنون للاحتجاج على نفي الملك، مما أدى إلى مواجهات مع قوات الاحتلال.
🖍️انتفاضة 17 غشت 1953: شهدت تافوغالت مظاهرات حاشدة، حيث عبّر المتظاهرون عن رفضهم لقرار النفي.
🖍️مظاهرات 19 و20 غشت 1955: في مدن مثل وادي زم وخريبكة وخنيفرة، حيث تجمعت الحشود للتنديد بالاحتلال ودعم الملك.
هذه المظاهرات كانت تعبيرًا عن الغضب الشعبي والرفض للاحتلال، مما ساهم في تعزيز الحركة الوطنية.
وسعت السلطات المحتلة كذلك إلى إضعاف الحركة الوطنية عبر قمع الأنشطة السياسية والاجتماعية، مما زاد من حدة التوتر بين الوطنيين والاحتلال الفرنسي.
وبالمقابل ساهمت الوثيقة في تعزيز الوعي الوطني والمطالبة بالاستقلال، مما أدى إلى مزيد من التنسيق بين الحركة الوطنية والقصر الملكي.
وشهد المغرب عدة تطورات سياسية مهمة نلخصها فيما يلي:
📌تصاعد المقاومة: تزايدت الأنشطة الوطنية والمقاومة المسلحة، خاصة بعد نفي الملك محمد الخامس إلى مدغشقر، مما أدى إلى تشكيل خلايا مقاومة في مختلف المدن.
📌توحيد الحركة الوطنية: الوثيقة ساهمت في توحيد صفوف الحركة الوطنية حول مطلب الاستقلال، حيث حصلت على تأييد شعبي واسع من مختلف الفئات.
📌ضغط دولي: بدأت الحركة الوطنية بالدفاع عن قضيتها في المحافل الدولية، مما ساهم في الضغط على فرنسا للتفاوض حول استقلال المغرب.
📌عودة الملك: أدت هذه التطورات إلى عودة المغفور له الملك محمد الخامس إلى المغرب عام 1955، وبدء مفاوضات أدت إلى الاستقلال الرسمي في 2 مارس 1956.
ومن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 كانوا مجموعة من الشخصيات الوطنية البارزة، وفي مقدمتهم :
♦️السلطان المغفور له محمد الخامس: الملك الذي دعم الحركة الوطنية.
♦️علي يعتة: زعيم حزب الاستقلال.
♦️أحمد بلافريج: سياسي بارز ووزير لاحق.
♦️عبد الرحيم بوعبيد: ناشط سياسي ،أحد أصغر الموقعين..
♦️عبد الله إبراهيم: مناضل سياسي ورئيس أول حكومة لاحقا.
كما كان هناك عدد من الشخصيات البارزة، نذكر منهم:
♦️أحمد بن الطاهر مكوار: أول من وقع على الوثيقة.
♦️المهدي بنبركة: سياسي بارز.
♦️مليكة الفاسي: المرأة الوحيدة التي وقعت على الوثيقة.
♦️الحسن بن جلون: سياسي معروف.
♦️الهاشمي الفيلالي: شخصية سياسية بارزة.
وهذه هي لائحة الموقعون على وثيقة المطالبة بالاستقلال المغربية في 11 يناير 1944 :
محمد بن العربي العلمي
محمد بن عبد الرحمان السعداني
عبد السلام المستاري
محمد البوعمراني
الطاهر زنيبر
الحاج أحمد الشرقاوي
أحمد المنجرة
الجيلالي بناني
الحسن بوعياد
أحمد الحمياني ختات
محمد غازي
قاسم بن عبد الجليل
أحمد اليزيدي
عبد الكريم بن جلون التويمي
الصديق بن العربي
محمد الرفاعي
الحفيان الشرقاوي
محمد السودي
عبد الكبير بن عبد الحفيظ الفهري الفاسي
عبد الهادي الصقلي
محمد بن الخضير
إدريس المحمدي
عمر بن عبد الجليل
عبد الجليل القباج
قاسم الزهيري
عبد الله بن عمر الرحماني
عبد القادر حسن
محمد الزغاري
أحمد بن عثمان بن دلة الإدريسي
محمد العيساوي المسطاسي
أحمد بحنيني
محمد الغزاوي
السيد عمر بن شمسي
مسعود الشيكر
عبد الوهاب الفاسي الفهري
محمد البقالي
محمد الفاطمي الفاسي
الحسين بن عبد الله الورزازي
عبد الحميد بن مولاي أحمد الزموري الإدريسي
أحمد بن إدريس بن بوشتى
أحمد بنشقرون
ناصر بن الحاج العربي الحسيني
محمد اليزيدي
محمد بن الحاج أحمد الديوري
عبد الله الرجراجي
بوبكر الصبيحي
محمد الجزولي
عمرو بناصر
محمد بن عزو
أحمد بلافريج
عبد العزيز بن ادريس العمراوي
بوشتى الجامعي
محمد الحمداوي
عثمان جوريو
تجسد هذه الأسماء التنوع في الحركة الوطنية المغربية التي سعت لتحقيق الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي.
ومن الملاحظ عدم وجود اسم علال الفاسي ضمن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، حيث كان في ذلك الوقت في المنفى بالغابون. ومع ذلك، اعتبر علال الفاسي أن الوثيقة كانت بداية عهد جديد يجمع بين إرادة الملك محمد الخامس وإرادة الشعب المغربي في الاستقلال.