إقليم ازيلال… ضريح أبي عمران معلمة تاريخية في قلب دوار ورمان

حكيم السعودي
يُعتبر ضريح أبي عمران في دوار ورمان الواقع ضمن نفوذ إقليم بزو التابع لعمالة أزيلال من بين المعالم التاريخية والدينية التي تعكس عمق الهوية الثقافية والروحية للمنطقة. هذا الضريح الذي يمتد تاريخه لعدة قرون و يُعد شاهداً على حقبة زمنية حافلة بالأحداث والتحولات التي عرفها الجنوب الشرقي للمغرب. يُعتقد أن الضريح يعود للعالم الجليل أبي عمران الفاسي أحد أبرز فقهاء المالكية في شمال إفريقيا والذي كانت له بصمات واضحة في نشر العلوم الشرعية والثقافة الإسلامية في المغرب وإن كانت الروايات حول شخصية أبي عمران تتعدد إلا أن جميعها تتفق على مكانته العلمية والدينية العالية مما جعله يحظى بمكانة خاصة في قلوب السكان المحليين.
ولد أبي عمران الفاسي في مدينة فاس واشتهر برحلاته العلمية إلى مختلف مناطق شمال إفريقيا والأندلس حيث أسهم في تأسيس مدارس علمية ونشر المذهب المالكي. يُقال إنه اختار دوار ورمان ليكون مستقره الأخير ليترك أثراً روحياً وثقافياً عميقاً في المنطقة. لم يكن ضريح أبي عمران مجرد مزار ديني فحسب بل كان أيضاً مركزاً للتعليم وتبادل المعرفة حيث اعتاد طلبة العلم والفقهاء على التوافد إليه لطلب البركة والاستفادة من حلقات العلم التي كانت تُعقد بجواره. وقد ساهم هذا الضريح في الحفاظ على الهوية الإسلامية والثقافة الأمازيغية العريقة التي تميز بها إقليم أزيلال. و يُشكل الضريح اليوم رمزاً للتعايش بين الإرث الإسلامي والثقافة المحلية حيث يقام حوله سنوياً موسم ديني يجمع سكان المنطقة والوافدين ليكون بذلك مساحة للذكر والتأمل وتأكيد الهوية المشتركة. مع مرور الزمن تعرض الضريح لعوامل التعرية الطبيعية، إضافة إلى بعض الإهمال الذي أثر على بنيته المعمارية. وبالرغم من محاولات السكان المحليين للحفاظ عليه إلا أن الحاجة أصبحت ماسة إلى إعادة ترميم هذا المعلم التاريخي لإعادة الاعتبار له وضمان استمراريته كجزء من التراث الوطني.
تهدف عملية الترميم إلى:
الحفاظ على الطا المعماري الأصيل للضريح باستخدام المواد التقليدية
تعزيز السياحة الثقافية والدينية في المنطقة.
تمكين الأجيال الجديدة من التعرف على تراثهم الثقافي.
*مراحل الترميم وخطة العمل*
دراسة الوضع الحالي للضريح وتحديد الأضرار الهيكلية.
تحليل المواد الأصلية المستخدمة في البناء لضمان الترميم بما يتوافق مع الطابع التاريخي.
تصميم خطة عمل شاملة بالتعاون مع مختصين في الترميم التاريخي.
إشراك المجتمع المحلي لضمان التوافق مع القيم الثقافية.
استخدام مواد بناء تقليدية تحافظ على الهوية الأصلية للضريح.
تجديد الزخارف والنقش بما يعكس التراث الأمازيغي والإسلامي.
تحسين المرافق المحيطة بالضريح، مثل الطرق والمساحات الخضراء.
توفير أماكن استقبال مريحة للزوار والسياح.
*أثر الترميم على المجتمع المحلي*
إعادة إحياء الضريح ستساهم في جذب الزوار من مختلف أنحاء المغرب وخارجه مما يُنشط الحركة الاقتصادية ويُبرز المنطقة كوجهة سياحية مميزة.
خلق وظائف مؤقتة خلال مرحلة الترميم.
دعم الأنشطة السياحية والخدمات المرتبطة بها بعد اكتمال المشروع.
– الحفاظ على الهوية – الثقافية
إحياء الضريح سيعزز من ارتباط الأجيال الجديدة بتاريخهم، مما يساهم في بناء شعور بالفخر والانتماء.
يبقى ضريح أبي عمران في دوار ورمان رمزاً حياً للتاريخ العريق والثقافة الأصيلة التي تميز منطقة أزيلال. وإعادة ترميم هذا المعلم ليس فقط واجباً ثقافياً بل هو أيضاً استثمار في المستقبل يعزز من مكانة المنطقة على الخريطة السياحية والثقافية للمغرب. إذا تضافرت جهود المجتمع المدني والسلطات المحلية وخبراء الترميم سيصبح هذا الضريح شاهداً على عبق التاريخ وروح الأصالة التي لا تزول.