أخبار

قانون رقم 507… بين الحقيقة القانونية وتضليل مواقع التواصل الاجتماعي

علاش بريس

في ظل موجة الأخبار الزائفة المنتشرة بوسائل التواصل الاجتماعي، والتي تم تداولها على نطاق واسع بشأن ما أُطلق عليه “المصادقة على الفصل 507″، في حملة واسعة عمادها الإشاعة، لا المعلومة الصحيحة ، ووقودها الجهل بالقانون وتهافت التفاعل الإلكتروني.

فمنصات التواصل الاجتماعي ، التي باتت بمثابة ساحات للتعليق والتحليل الفوري، شهدت تداولًا واسعًا لما زُعم أنه تعديل جديد يهم الفصل 507 من قانون المسطرة الجنائية، وهي بحسب مصادر موثوقة مزاعم عارية تمامًا عن الصحة، شكلاً ومضمونًا، إذ أن هذا الفصل، الذي انتشر كـ”قنبلة تشريعية”، ليس وليد اليوم، ولا علاقة له بقانون المسطرة الجنائية أصلًا، بل هو جزء من مجموعة القانون الجنائي المعمول بها منذ عقود.

– الفصل 507… نص قانوني قائم وليس بجديد

للتوضيح، الفصل 507 ينتمي لمجموعة القانون الجنائي المغربي، ولا يتعلق أبدًا بالإجراءات القضائية أو بطاقة السجل العدلي كما روّج البعض، بل ينص صراحة على تشديد العقوبة في حالة ارتكاب جريمة السرقة بالسلاح، حيث جاء في نصه ما يلي:

“يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملاً لسلاح، سواء كان ظاهرًا أو مخفيًا، حتى ولو ارتكبت السرقة من طرف شخص واحد ودون توفر أي ظرف آخر من الظروف المشددة.”

كما يشدد الفصل العقوبة إذا استخدم السارقون وسيلة نقل مزودة بمحرك لغرض الوصول إلى مكان الجريمة أو الهروب منه، مع تمكين القاضي من تطبيق ظروف التخفيف وفقًا للفصلين 146 و147 من نفس المجموعة.

– الفرق بين القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية

من المهم في هذا السياق أن يُدرك القارئ الفرق بين القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، فالأول يحدد الأفعال التي تعتبر جرائم والعقوبات المقررة لها، أما الثاني فينظم كيفية تطبيق القانون أمام المحاكم، ويشمل الإجراءات والشكليات المتبعة أثناء التحقيق والمحاكمة.

وبالتالي، فإن أي خلط بين الفصل 507 من القانون الجنائي والمادة 507 من قانون المسطرة الجنائية يكشف عن غياب الفهم القانوني، ويُسهّل مهمة مروجي الأخبار الزائفة الذين يستغلون هذا الخلط لإثارة البلبلة.

– متى يحق للقاضي تخفيف العقوبة؟

رغم أن الفصل 507 يتحدث عن عقوبة ثقيلة قد تصل إلى السجن المؤبد، فإن المشرع المغربي أتاح للقاضي سلطة تقديرية لتخفيف العقوبات وفقًا لظروف كل قضية، فالفصل 146 ينص على إمكانية تمتيع المتهم بظروف التخفيف إذا اعتبرت المحكمة أن العقوبة الأصلية لا تتناسب مع خطورة الفعل، ويحدد الفصل 147 نطاق هذه التخفيفات، مما يسمح بالنزول بالعقوبة إلى درجات أخف حسب الحالة.

– خطورة الأخبار الزائفة وأثرها على الرأي العام

ما يثير القلق حقًا ليس فقط محتوى الأخبار الزائفة، بل السهولة التي تنتشر بها، ومدى تأثيرها على وعي المواطن وثقته في القوانين والمؤسسات، فقد أصبحت الإشاعة قانونًا بديلًا على مواقع التواصل، يُتداول بسرعة، ويُصدق أحيانًا أكثر من النصوص الرسمية.

الأخطر من ذلك أن بعض هذه المنشورات لا تكتفي بنشر الخطأ، بل تضفي عليه صبغة “الخبر العاجل” و”الوثيقة المسربة”، فتخلق بيئة مشحونة بالارتباك والذعر، دون أدنى مسؤولية تجاه تداعيات هذه الأكاذيب.

– القانون يجرّم نشر الأخبار الزائفة

وفي مواجهة هذه الظاهرة، نصّ قانون الصحافة والنشر المغربي رقم 88.13 في المادة 72 على تجريم نشر الأخبار الزائفة إذا تسببت في الإخلال بالنظام العام أو أثارت الذعر بين المواطنين، وفرض غرامات مالية تتراوح بين 20.000 و200.000 درهم. وهو ما يؤكد أن القانون لا يقف مكتوف اليدين أمام العبث بالمعلومة.

– ثقافة التحقق مسؤولية جماعية

التصدي للأخبار الزائفة لا يبدأ من المحاكم، بل من ثقافة المواطن نفسه، فمبدأ “تحقق قبل أن تشارك” يجب أن يكون القاعدة الذهبية في زمن أصبحت فيه “اللايكات” أقوى من الحقائق، و”الترند” أقوى من القانون.

إن المعلومة القانونية ليست حكرًا على النخبة، لكنها تحتاج إلى وعي، وفهم للسياق، ومصادر موثوقة، ولا يمكن لمجتمع أن يبني ثقته في المؤسسات إن لم يحمِ ذاته أولًا من التضليل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!