أخباررأي

رأي :مشاريع تطوير المغرب: بين الإنجاز العمراني والإصلاح الإداري والتوعوي

"الإصلاح الإداري والمجتمعي ركيزتان أساسيتان لإنجاح التنمية الوطنية في المغرب"

يشهد المغرب في السنوات الأخيرة مشاريع تنموية ضخمة، خاصة في إطار الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030، حيث يتم الهدم وإعادة البناء في عدة مدن بهدف تطوير البنية التحتية وإنشاء منشآت رياضية حديثة.
هذه المشاريع تمثل فرصة تاريخية لتعزيز مكانة المغرب إقليمياً ودولياً، وتحقيق نقلة نوعية في مختلف القطاعات.
غير أن نجاح هذه المشاريع لا يتوقف فقط على الجانب المادي أو التقني، بل يتطلب إصلاحًا جذريًا في طريقة تعامل المسؤولين ورجال السلطة مع المواطنين إذ يجب أن تتغير منهجية الاشتغال لتصبح أكثر شفافية وفعالية ،حيث تشير تقارير رسمية إلى أن 65% من المواطنين يعانون من تعقيدات بيروقراطية تؤخر إنجاز معاملاتهم، ولهذا يجب التركيز على:
تبسيط القوانين والإجراءات الإدارية لتسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات،والقطع مع البيروقراطية المعقدة التي تعيق إنجاز الملفات وتؤخر تقديم الخدمات،واحترام كرامة المواطن من خلال استقبال حسن، والتعامل بإنسانية واحترام،وتسريع إنجاز المعاملات والتوقيع على الملفات دون تأخير أو تعقيد،وتعزيز ثقافة الخدمة العامة لدى المسؤولين، بحيث يكون المواطن محور الاهتمام.
وهو ما يستدعي تبسيط القوانين وتبني الرقمنة لتسريع الخدمات. كما يجب تدريب الموظفين على مهارات التواصل واحترام كرامة المواطن، ووضع مؤشرات أداء واضحة للمسؤولين.
كما أن الأمر لا يقتصر على المسؤولين فقط، بل يجب أن يتحمل كل من الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني مسؤولياتهم في:تأطير المواطنين وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم، مما يعزز مشاركتهم الفعالة في الحياة العامة،ونشر الوعي بأهمية المشاريع التنموية وتأثيرها على تحسين جودة الحياة ،ومراقبة تنفيذ المشاريع والمساهمة في محاربة الفساد والبيروقراطية ،وتشجيع الحوار البناء بين المواطن والمسؤولين لضمان شفافية أكبر وفعالية في الأداء.
وكمثال على جدوى هذه الإصلاحات هناك تجارب تؤكدها مثل مراكز الخدمات الإدارية الموحدة في الدار البيضاء، التي خفضت زمن إنجاز المعاملات بنسبة 40%، و الرقمنة في بعض البلديات .
لنخلص على أن التنمية الحقيقية والمستدامة في المغرب لا تتحقق فقط من خلال المشاريع الكبرى، بل من خلال إصلاح شامل يضمن تحسين العلاقة بين المسؤولين والمواطنين، وتفعيل دور المجتمع المدني والأحزاب في التوعية والمراقبة. بهذا الشكل، يمكن أن يتحول المغرب إلى نموذج يحتذى به في التنمية الشاملة التي تحترم كرامة الإنسان وتلبي تطلعاته.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!