أخبارجهاتسياسة

بنــسليمان بين أزمــات التسييــر والسياســة: تحديات الشفافيــة والتواصــل في المجلس الجماعي

صراع السلطة وتعثر التنمية المحلية يفرضان ضرورة إصلاح شامل لتعزيز المحاسبة والمشاركة المجتمعية

تشهد جماعة بنسليمان، خلال دورة ماي 2025، حالة متشابكة من الأزمات السياسية والإدارية التي تعكس تحديات عميقة في تسيير الشأن المحلي، وتثير تساؤلات جدية حول مدى قدرة المجلس الجماعي على تحقيق التنمية المنشودة والشفافية المطلوبة في إدارة الموارد العامة.
📍أزمة التواصل والشفافية داخل المجلس الجماعي
في دورة ماي، عبّر عدد من المستشارين عن استيائهم من غياب الشفافية والتواصل الفعّال مع رئيس المجلس، حيث وصفوا وضعهم بأنه يشبه “الحيوانات التي لا تعرف ما يدور” داخل الجماعة، في إشارة إلى ضعف اطلاعهم على مجريات العمل وقرارات المجلس.
هذا الوضع يعكس أزمة ثقة بين الرئيس وأعضاء المجلس، ويؤثر سلباً على قدرة المستشارين على القيام بدورهم الرقابي واتخاذ قرارات سليمة تخدم مصلحة المدينة وسكانها.

وطالب المستشارون بضرورة توفير المعلومات الكافية، وتعزيز قنوات التواصل المنتظمة، وتفعيل آليات الرقابة الداخلية والخارجية، إضافة إلى وضع مدونات سلوك واضحة تضمن النزاهة والشفافية. كما شددوا على أهمية دعم التجار وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء، في ظل وجود تحديات اقتصادية واجتماعية تؤثر على مناخ الاستثمار المحلي.

في ظل هذه الأجواء، تصاعد الصراع السياسي داخل المجلس الجماعي، حيث شهدت دورة ماي إسقاط المعارضة لجميع النقط المبرمجة، ما يعكس فقدان الرئيس للأغلبية الجماعية وعزلته داخل المجلس. وقد وجاء هذا التصعيد في سياق اتهامات للرئيس بالتمتع بـ”الحماية” من المحاسبة رغم تسجيل خروقات ومساءلته من طرف الفرقة الوطنية، في حين أن رؤساء جماعات أخرى تعرضوا للعزل بسبب مخالفات أقل.
هذا الانقسام الحاد يعطل اتخاذ القرارات ويعكس هشاشة التوازن السياسي داخل المجلس، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويعيق تنفيذ المشاريع التنموية الحيوية التي تحتاجها المدينة.

هذه الأزمات مع بطء في إنجاز المشاريع التنموية وتأخر في تقديم الحصائل، يضع المجلس في موقف حرج أمام الرأي العام الذي يعبر عن استيائه من غموض التدبير وتغييب التدبير التشاركي وتهميش القوى الفاعلة في الإقليم.
بالإضافة إلى طريقة توزيع منح الجمعيات التي أثارت موجة من الغضب بسبب المحسوبية والزبونية، مع استبعاد جمعيات نشطة لصالح أخرى غير فاعلة، ما يفاقم أزمة الثقة ويهدد استقرار المجتمع المدني.
ومن الملاحظ أن غياب رؤية واضحة وتشتت الجهود بين الصراعات السياسية والإدارية أدى إلى شلل في المشاريع التنموية، رغم توفر الإمكانيات والموارد المالية، حيث ظل الفائض المالي حبيس الخزينة دون ترجمة فعلية على أرض الواقع.
على الجانب الآخر، شهدت جماعة عين تيزغة المجاورة تحولاً إيجابياً بعد انتخاب رئيس جديد ذو خبرة أكاديمية ومهنية، أسهم في تجاوز أزمات الولاية السابقة، وحقق نتائج ملموسة عبر تبني رؤية واضحة للشفافية والكفاءة. هذا النموذج يبرز أهمية القيادة القوية والرؤية الاستراتيجية في تجاوز أزمات التسيير وتحقيق التنمية.

تفرض هذه المعطيات إصلاح شامل ومستدام وبالتالي ،ضرورة إعادة هيكلة عمل المجلس الجماعي في بنسليمان عبر:
🖊️تعزيز الشفافية وتوفير المعلومات لجميع الأعضاء والمواطنين.
🖊️تطوير آليات التواصل المنتظمة بين الرئيس والمستشارين.
🖊️تطبيق القانون بشكل عادل على الجميع دون استثناء.
🖊️مكافحة المحسوبية والزبونية في توزيع الموارد والدعم.
🖊️إشراك المجتمع المدني والقوى الفاعلة في صنع القرار.
🖊️بناء ثقافة جديدة للرقابة والمحاسبة الفعالة.

وفي الختام ،نقول أن جماعة بنسليمان تواجه تحديات مركبة بين أزمة تواصل داخلي، وصراعات سياسية حادة، وضعف في التسيير والتنمية المحلية. ولتجاوز هذه الأزمات يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وقيادة كفوءة، وتفعيل مبدأ الشفافية والمحاسبة، مع إشراك فعّال للمواطنين.
فقط من خلال هذه المعايير يمكن للمجلس الجماعي أن يستعيد ثقة الساكنة، ويحقق التنمية المستدامة التي تنتظرها المدينة، ويحول بنسليمان إلى نموذج يحتذى به في الحكامة المحلية.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!