بوزنيقة تحتضن المؤتمر الوطني الرابع عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان: نضال متجدد من أجل مغرب ديمقراطي
تجديد القيادة وتعزيز الوحدة النضالية في مواجهة الفساد والاستبداد والتطبيع

في أجواء مشحونة بالحماس وروح التحدي، انطلقت يوم الجمعة 23 ماي 2025 بمدينة بوزنيقة فعاليات المؤتمر الوطني الرابع عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي يعد محطة حقوقية بارزة في مسيرة الحركة الحقوقية بالمغرب. ويستمر المؤتمر حتى يوم غد الأحد 25 ماي، حيث من المتوقع أن يشهد اختتاماً حافلاً بتجديد القيادة وتحديد مسارات نضالية جديدة.
قبل انطلاق المؤتمر الرسمي، احتضنت العاصمة الرباط يوم 22 ماي ندوة دولية بعنوان «دور الحركة الحقوقية العالمية في تعزيز ودمقرطة منظومة حقوق الإنسان في ظل الواقع الدولي الحالي». جمعت هذه الندوة نخبة من الخبراء الحقوقيين من مختلف البلدان العربية والأوروبية، من بينهم الدكتور نظام عساف من الأردن، والدكتور هيثم مناع من جنيف، والأستاذ محيي الدين لاغة من تونس، والأستاذ أشرف هشام من فلسطين، إلى جانب الأستاذ أحمد الهايج، الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
شكلت هذه الندوة منصة فكرية حيوية ناقشت تحديات حقوق الإنسان في ظل تصاعد الخطابات السلطوية عالمياً، مؤكدين على ضرورة الوحدة النضالية وتجديد آليات العمل الحقوقي لمواجهة الفساد والاستبداد والتطبيع.
في قاعات المركب الدولي للطفولة والشباب ببوزنيقة، اجتمع أعضاء الجمعية من مختلف جهات المغرب، حاملين على عاتقهم مسؤولية تجديد العهد بالنضال الحقوقي. وتميز المؤتمر بأجواء حيوية تجمع بين الجدية والحماس، حيث شارك ناشطون حقوقيون، أكاديميون، صحفيون، وشباب متحمس، ما أضفى على اللقاء روحاً شبابية متجددة.
عزيز غالي، رئيس الجمعية المنتهية ولايته،صرح في كلمته الافتتاحية أن:
«المغرب يعيش اليوم على وقع تمدد خطير لثلاثي الفساد والاستبداد والتطبيع، الذي يعيق بشكل جوهري تطور المغرب نحو دولة الحق والقانون والديمقراطية. السلطات تمعن في قمع الأصوات الحرة، من صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، وسط استمرار وجود عشرات المعتقلين السياسيين وتضييق ممنهج على الحريات العامة. المعركة من أجل دولة ديمقراطية وحقوقية لا تزال طويلة، ولا يمكن مواجهتها إلا بوحدة العمل النضالي بين مختلف مكونات الحركة الحقوقية والديمقراطية.»
من جهته، عبر عبد الحميد أمين، الناشط الحقوقي المعروف، عن قلقه من تراجع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً:
«التراجعات المتواصلة تمنحنا دافعاً لإعادة الأمل ومواصلة النضال، خصوصاً في مواجهة الغش الإداري والتلاعب بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تشهد تدهوراً خطيراً، لا سيما في التعليم والصحة والسكن.»
أما منيب، الناشطة الحقوقية البارزة، فقد أكدت على ضرورة تجديد أدوات النضال الحقوقي، مشددة على أن:
«الوحدة النضالية والتضامن بين كل الفاعلين الحقوقيين هي السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المتزايدة، خصوصاً في ظل تصاعد خطاب السلطوية والتضييق على الحريات.»
بدورها، أكدت خديجة الرياضي على أهمية استمرارية الكفاح رغم الصعوبات، وقالت:
«نحن اليوم أمام محطة حاسمة لتجديد القيادة وتعزيز العمل الحقوقي، لا يمكن أن نتراجع أو نهدأ في مواجهة الانتهاكات، بل يجب أن نكون أكثر حزماً وإصراراً على الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.»
لم تخلُ الاستعدادات من بعض العقبات، إذ تأخر الترخيص الرسمي لاستغلال المركب الدولي للطفولة والشباب ببوزنيقة، مما أثار قلقاً داخل الجمعية. لكن إصرار الجمعية على احترام القانون، الذي لا يشترط الترخيص لعقد الجمعيات بل يكتفي بالإشعار، مكنها من تجاوز هذه العقبة والاحتفاء بانطلاق المؤتمر في موعده المحدد.
📍جدول أعمال المؤتمر
تم تنظيم المؤتمر وفق جدول محكم يوازن بين التقييم والتخطيط والعمل النضالي:
👈🏼اليوم الأول (23 ماي):
افتتاح المؤتمر، عرض حصيلة عمل الجمعية، ونقاشات تمهيدية حول واقع حقوق الإنسان والتحديات الراهنة.
👈🏼اليوم الثاني (24 ماي):
ورشات عمل حول قضايا الفساد والاستبداد والتطبيع، مناقشة استراتيجيات النضال، وبرنامج العمل الحقوقي للفترة المقبلة.
👈🏼اليوم الثالث (25 ماي) – يوم غد الأحد:
انتخاب قيادة جديدة للجمعية، المصادقة على البرنامج الحقوقي الجديد، واختتام المؤتمر بتوصيات لتعزيز الوحدة النضالية والعمل الحقوقي.
يأتي هذا المؤتمر في وقت حاسم يواجه فيه المغرب تحديات حقوقية كبيرة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. ويعكس المؤتمر إرادة الجمعية في تجديد هياكلها وتعزيز نضالها من أجل مغرب ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويكفل الحريات الأساسية للجميع.
مع اقتراب يوم الختام، يسود التفاؤل أجواء بوزنيقة، حيث يتطلع المشاركون إلى انتخاب قيادة جديدة وتحديد أولويات نضالية واضحة، تعكس روح الوحدة والتضامن التي تميز الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
ويُتوقع أن يسفر المؤتمر الوطني عن تغييرات واسعة في تركيبة قيادة الجمعية الحقوقية، وذلك لعدم أحقية العديد من أطرها، وعلى رأسهم الرئيس الحالي عزيز غالي، الترشح للمكتب المركزي المقبل بعد تجاوزهم لعدد الولايات المنصوص عليها في القانون الأساسي للجمعية.
وبهذا الحدث الحقوقي الكبير، تؤكد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن نضالها مستمر، متجدد، ومتطور، مستمدة قوتها من تاريخها العريق ومن إيمانها الراسخ بأن الكرامة الإنسانية هي جوهر كل نضال وأمل.