بلاغ النيابة العامة ينهي الجدل حول ادعاءات “سرقة أعضاء” شاب توفي في حادثة سير بالدار البيضاء
تحقيقات رسمية ووثائق موثقة تؤكد قانونية التبرع وشفافية الإجراءات الطبية

في أجواء مشحونة بالتساؤلات ونقاشات الرأي العام حول مقطع فيديو انتشر مؤخرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تبرز حادثة تظلم سيدة من قرار حفظ شكايتها المتعلقة بادعاءات سرقة أعضاء ابنها المتوفى إثر حادثة سير. هذا التسجيل لم يكن سوى شرارة لجملة ردود أفعال، دفعت الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء إلى إصدار بلاغ يوضح فيه سياق وملابسات القضية، ويعيد ترتيب الأحداث تحت ضوء الوقائع والتحقيقات القضائية
يستهل البلاغ بالتأكيد أن التحقيق في مزاعم السيدة لم يكن غائبًا عن أعين النيابة العامة، إذ سبق للفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن تناولت الشكوى بدراسة معمقة، لتنتهي نتائج البحث إلى التأكيد على احترام جميع الشروط القانونية والتنظيمية خلال عملية التبرع بأعضاء الهالك. يشير البلاغ بصيغة قطعية إلى أن الإجراءات تمت وفق القانون رقم 98.16 الذي ينظم عمليات التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية في المغرب، ما يضع ادعاءات “سرقة الأعضاء” في خانة المزاعم غير المسندة والتي تتناقض مع الوقائع المثبتة بالتحقيقومن اللافت في حيثيات البلاغ التركيز على عنصر الشفافية، حيث أُنجزت عملية استئصال الأعضاء – تحديدًا الكليتين والقرنية – فقط بعد الحصول على موافقة كتابية، واضحة وموثقة من والدة الهالك، مرفقة بتوقيعها وبصمتها ورقم بطاقتها الوطنية. يؤكد البلاغ أيضًا أن الاستئصال لم يتم إلا عقب معاينة رسمية لواقعة الوفاة، وتحت إشراف لجنة طبية مختصة شاركت في جميع مراحل المسطرة بدءًا من التحقق من العلامات السريرية للموت الدماغي إلى تحرير محضر بالإجراءات، مع دعم التشخيص بنتائج التصوير المقطعي للأوعية الدموية في دماغ الهالك
تنقلنا هذه التفاصيل بدورها إلى مشهد أكبر ضمن سياق التبرع بالأعضاء في المؤسسات الصحية، إذ يؤكد البلاغ أن عملية الزرع استهدفت مرضى مسجلين على قوائم الانتظار، وأن كل مرحلة موثقة بدقة في السجلات الرسمية لمصلحة المستشفى، ما يعكس التقيد الصارم بالضوابط الطبية والقانونية وينفي أي شبهة تجاوز أو تلاعب
تتجلى في هذا الطرح نقاط تقاطع بين السلطة القضائية والمسؤولية الأخلاقية تجاه المجتمع، حيث يشدد البلاغ على أن النيابة العامة لم تغفل أبدًا حقوق الأسرة، بل تعاملت مع الشكوى بالجدية المطلوبة وكامل ضمانات الشفافية. هنا تتقاطع الاعتبارات القانونية مع الحاجة الملحة لتقديم معلومات واضحة للرأي العام، في ظل تنامي زخم الأخبار ومناخ الشكوك على منصات التواصل الرقمية، ما يستدعي ثابتة المصداقية والشفافية في التواصل الرسمي
ومن خلال هذا السرد المتسلسل، يبدو أن أصل القضية يتجاوز حدود الشكوى الفردية ليضع الإطار العام لمسؤولية المؤسسات في ترسيخ قواعد التعامل مع قضايا التبرع بالأعضاء. البلاغ لا يمثل فقط حسمًا لقضية مثارة؛ بل يعكس التزام القضاء المغربي بمواكبة نبض المجتمع وتقديم رواية واقعية، موثقة، تضع حدودًا فاصلة بين الاجتهادات الفردية والمنجزات المؤسسية المدعومة بالتحقيقات الدقيقة والمعايير القانونية الحديثة
وهذا نص البلاغ 👇🏼
بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء
علاقة بمقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر بعض وسائط التواصل الاجتماعي، والذي تظهر فيه سيدة تتظلم من حفظ شكايتها التي تدعي من خلالها سرقة الأعضاء البشرية لابنها الذي توفي إثر تعرضه لحادثة سير بتاريخ 08/09/2021.
وتنويرا للرأي بخصوص هذه الواقعة، يعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أن ماورد في مقطع الفيديو المذكور من ادعاءات هو أمر غير صحيح ومخالف للحقيقة وفق ما يلي:
– أن الوقائع موضوع التسجيل المرئي شكلت موضوع بحث قضائي سابق من طرف هذه النيابة العامة تم إنجازه من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء والذي خلصت نتائجه إلى كون عملية التبرع بأعضاء الهالك تمت في احترام تام للمقتضيات القانونية و التنظيمية الجاري بها العمل وطبقا لماينص عليه القانون رقم 98.16 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والانسجة البشرية.
_ أن عملية استئصال الأعضاء البشرية للهالك ( الكليتين والقرنية) تمت بعد الحصول على الموافقة الصريحة والمكتوبة من طرف والدة الهالك تحمل توقيعها وبصمتها ورقم بطاقة تعريفها الوطنية.
– إن عملية استئصال الأعضاء البشرية للهالك تمت بعد معاينة واقعة الوفاة.
– إن عمليةالتبرع بالأعضاء البشرية للهالك تمت تحت إشراف لجنة طبية مختصة في جميع مراحل مسطرة التبرع بالأعضاء بعد التحقق من العلامات السريرية للموت الدماغي للهالك وتحرير محضر معاينة الموت الدماغي من طرف طبيبين وتأكيد التشخيص السريري لحالة الموت الدماغي بواسطة التصوير المقطعي بالأشعة للأوعية الدموية للدماغ.
– إن الاعضاء البشرية المذكورة تم زرعها لمرضى آخرين وفق قائمة المرضى الممسوكة من طرف المصلحة المختصة بالمستشفى وأن هذه الوقائع مضمنة بالسجل المخصص لهذا الغرض من طرف إدارة المستشفى.
وحرر بالدار البيضاء بتاريخ 19/07/2025
الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء