
الخبر العاجل: اقتحم الجيش الإسرائيلي، مساء السبت 26 يوليو 2025، سفينة “حنظلة” التابعة لتحالف أسطول الحرية التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة في محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 18 سنة.
صعدت القوات الإسرائيلية على متن السفينة مدججة بالسلاح وأجبرت الناشطين والمتضامنين على رفع أيديهم، وسط مراقبة وتحكم كامل في السفينة.
وبعد دقائق من الاقتحام، انقطعت عدة بثوث مباشرة كانت تنقل من داخل السفينة، ما أثار مخاوف واسعة بشأن مصير الناشطين وطاقم السفينة في ظل غياب أي تصريح رسمي من الجانب الإسرائيلي حول وضعهم القانوني أو موقعهم الحالي.
السفينة كانت تحمل ناشطين دوليين وشحنات مساعدات إنسانية، وقد أطلقت نداء استغاثة قبيل الاقتحام بعد رصد اقتراب زوارق حربية إسرائيلية منها عند مسافة قريبة من شواطئ غزة. هذا التصعيد يعكس توتراً عسكرياً وقانونياً كبيراً حول مهمة كسر الحصار التي تقوم بها السفينة، وسط شكوك دولية حول حماية حقوق المدنيين وحقوق الناشطين في سياق القانون الدولي الإنساني وقانون البحار.
وفي تطور ملحوظ يتابع ناشطون ومدافعون عن حقوق الإنسان حول العالم ما يجري على متن سفينة “حنظلة” المتجهة إلى قطاع غزة، حيث أفاد هؤلاء الناشطون بمحاولاتهم المتكررة للتواصل مع سلطات خفر السواحل المصري دون تلقي أي رد، في ظل اقتراب قوارب وطائرات مسيرة مجهولة المصدر من السفينة، ما أثار مخاوف كبيرة من احتمال تصعيد عسكري قد يعترض مهمة السفينة الإنسانية التي تهدف إلى كسر الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007 وإيصال المساعدات الضرورية إلى السكان المحاصرين.
وتأتي هذه التطورات في وقت لم يصدر فيه أي تعليق رسمي من الجانب المصري، مما يزيد من غموض الموقف ويسلط الضوء على التوترات الإقليمية والضغوط السياسية المضاعفة المحيطة بهذه المبادرة الإنسانية.
تُشير تفاصيل الرحلة أن سفينة “حنظلة” أبحرت في 13 يوليو 2025 من ميناء سيراكيوز بإيطاليا وعلى متنها ناشطون من عدة جنسيات يحملون شحنات من المساعدات الغذائية والطبية في إطار ما يعرف بأسطول الحرية، الذي يسعى لكسر الحصار عن غزة الذي أثر بشكل كارثي على الوضع الإنساني في القطاع. وقد شهدت السفينة محاولات اعتراض أو تهديد من جهات متعددة منها تحركات بحرية جوية وشبه عسكرية، مع تحذيرات إسرائيلية صريحة بشأن احتمالية تدخل وحدات كوماندوز بحرية إسرائيلية لاعتراض السفينة إذا لم تغير مسارها، وهو سيناريو تكرر سابقاً مع سفينة “مادلين” في يونيو الماضي، مما يزيد من تعقيد المهمة ويطرح تساؤلات مهمة حول حقوق المدنيين وحماية الأطقم العاملة في مثل هذه الظروف.
كانت السفينة تحمل ناشطين دوليين من جنسيات مختلفة وشحنات من المساعدات الإنسانية في إطار أسطول الحرية، الذي يسعى لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة. وخلال الاقتحام، ظهر الجنود الإسرائيليون بحضور مباشر في بث ناشطين على السطح يحملون أيديهم، قبل أن يتم قطع البث بشكل مفاجئ. لا توجد أي معلومات رسمية حتى الآن عن وضع الناشطين أو مصيرهم، مما يثير قلقاً دولياً بشأن حقوق المدنيين وحقوق الناشطين في البحر وفق القانون الدولي الإنساني وقانون البحار.
هنا يأتي دور القانون الدولي الإنساني الذي ينظم النزاعات المسلحة بما فيها النزاعات البحرية، حيث يفرض هذا القانون مبادئ واضحة مثل مبدأ التمييز الذي يوجب تفريق الأهداف العسكرية عن المدنيين وحماية السفن الإنسانية والطبية من الهجوم أو الاعتراض، بالإضافة إلى الحقوق الأساسية للمدنيين وأطقم السفن خلال النزاعات. كما ينص القانون الدولي على منع الاعتداءات غير المتناسبة أو العشوائية التي قد تؤثر سلباً على حياة المدنيين أو على البيئة البحرية، ويستند في ذلك إلى اتفاقيات مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 التي تحدد حقوق وواجبات الدول في المياه الإقليمية والاقتصادية وغيرها، وتشدد على أن الحفاظ على حقوق الإنسان في البحر هو مسؤولية جماعية تتطلب التعاون بين الدول والمنظمات الدولية.
وفي سياق حماية المدنيين في القانون البحري، فإنه يُؤكد على تمتع كل الأشخاص في البحر بحقوق الإنسان المكفولة دون تمييز، وضرورة حماية السفن غير العسكرية والإنسانية من أي اعتداءات إلا عند وجود أسباب قانونية استثنائية. كما تتضمن المبادئ القانونية الالتزام بعدم استخدام القوة المفرطة أو التي قد تعرض سلامة المدنيين أو المراكب المدنية للخطر، مع توفير آليات انتصاف فعالة للضحايا في حال وقوع انتهاكات. ولهذا، فإن القانون البحري ليس فقط تنظيماً فنياً لإدارة حركة الملاحة بل هو إطار قانوني يحمي أمن وسلامة المدنيين ويحفظ لهم كرامتهم، خاصة في الأوقات والأماكن التي تشهد توترات ونزاعات مسلحة.
وبناءً على ما سبق، فإن حالة سفينة “حنظلة” تُعد نموذجاً حياً للتحديات التي تواجهها المبادرات الإنسانية في مناطق النزاع البحري، حيث تتقاطع فيه حقوق الإنسان والقانون الدولي مع المصالح السياسية والعسكرية للدول. وتُظهر هذه الحالة الحاجة الملحة إلى احترام القواعد الدولية التي تضمن حماية المدنيين وعدم استغلال السلطة البحرية أو العسكرية للضغط أو التهديد على من يسعون لتقديم المساعدة الإنسانية، مما يستوجب من المجتمع الدولي تعزيز جهود الرقابة والضغط لضمان سلامة المهمات الإنسانية وحماية الطواقم والركاب من أي اعتداء أو مضايقة بحجم التهديد الحالي الذي تواجهه “حنظلة” خلال رحلتها المليئة بالمخاطر.