
وقع نادي الرجاء الرياضي المغربي في الثاني من غشت 2025 اتفاقية استثمارية تاريخية مع شركة “مرسى المغرب” المتخصصة في استغلال الموانئ، بحضور قيادات النادي وشركائه، وفي مقدمتهم فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم.
كان هذا الاتفاق خطوة تأسيسية فريدة من نوعها تهدف إلى تحويل إدارة النادي إلى شركة رياضية محترفة تحاكي المعايير الدولية للحوكمة في كرة القدم، إذ تم بموجبها رفع رأس مال شركة الرجاء الرياضية RAJA SA من 300 ألف درهم إلى 250 مليون درهم، مع مساهمة جمعية الرجاء بملكية الأصول بحوالي 100 مليون درهم، في مقابل مساهمة المستثمر بمبلغ 150 مليون درهم تُدفع على مدى ثلاث سنوات، مقابل الحصول على 60% من أسهم الشركة، في حين احتفظت الجمعية بنسبة 40%.
تأتي هذه الهيكلة الجديدة مدعومة بعقد تدبير قانوني ينظم آليات العمل داخل الشركة وطريقة تحويل العائدات إلى الجمعية، بما يضمن الشفافية المالية وعدم تقاضي ممثلي الجمعية رواتب في الشركة، فضلاً عن إمكانية فسخ الاتفاقية بمرونة من كلا الطرفين. تم تقييم أصول النادي بحوالي 510 ملايين درهم، شملت اللاعبين المحترفين والعلامة التجارية وأكاديمية النادي، التي تظل مملوكة للجمعية الرياضية ولكن تُوضع تحت تصرف الشركة الجديدة، في حين تحمل النادي ديونًا بنحو 130 مليون درهم. ويعكس هذا التقييم الدقيق رغبة الأطراف في تأسيس نموذج مؤسساتي متطور قادر على معالجة الأزمات المالية والبنيوية التي عانى منها النادي لفترة طويلة.
الهيكلة التنظيمية الجديدة تمثلت في مجلس إدارة مكون من عشرة أعضاء، يتم تمثيل الجمعية بأربعة منهم ويملك المستثمر ستة مقاعد، مع تولي المستثمر رئاسة الشركة. كما تم تعيين مدير عام ومدير رياضي ومدير مالي وأطقم إدارة مؤهلة تعمل بنظام احترافي، بعيدًا عن الأنماط التقليدية غير الفعالة، وهو ما يضع النادي على طريق تأسيس إدارة رياضية أكثر كفاءة واستقرارًا. تشمل الخطة النهائية إعداد كافة الوثائق القانونية كاتفاقية الاستثمار وميثاق المساهمين، وضبط الحسابات المتعلقة بالديون بين الجمعية والشركة، فضلاً عن العمل على تكوين فريق إداري متكامل بمسؤوليات واضحة، ليتمتع النادي بالحوكمة الرشيدة والمساءلة المستمرة.
تعد هذه الشراكة الاستثمارية مفتاحًا حيويًا لتجاوز الأزمة المالية التي ألمت بالنادي، إذ توفر الموارد المالية اللازمة لتطوير الأداء الرياضي والإداري، وتُغني تجربة النادي بخبرات الشركة المستثمرة في مجالي الإدارة والتسيير. يعزز هذا التعاون من الشفافية والمساءلة المالية، ويزيد من ثقة الجماهير والمستثمرين والشركاء، مما يؤسس لمرحلة جديدة من النمو المستدام والنجاح على المدى البعيد. كما يخلق هذا النموذج المثالي توازنًا بين الحفاظ على هوية النادي وتراثه الرياضي، مثل ملكية أكاديمية الرجاء، والقدرة على تحسين الأداء عبر تمويل وخبرة الشريك الاستراتيجي.
وفي الختام، تمثل هذه الاتفاقية وتحويل النادي إلى شركة رياضية مهنية أول شراكة مؤسساتية من نوعها في تاريخ الرجاء الرياضي المغربي، وهي مشروع استثماري طموح يتناغم مع مرحلة قبل استضافة المغرب لكأس العالم 2030، ويشكل نموذجًا يُحتذى به في مجال إدارة الأندية الرياضية بالمغرب، ويمهد الطريق لتحويلات جذرية في قطاع كرة القدم لتحقيق الاستقرار والتطور المستدام.