أخبارجهاتحقوق الإنسانحوادثمجتمع

تنكر بزي امرأة لتسجيل طفل مجهول النسب في طنجة: محاولة احتيال قضائية تكشف ضعف التشريعات

محكمة الأسرة تصدر حكمًا بالسجن والغرامة وتسلط الضوء على ضرورة تحديث القوانين لمكافحة انتحال الهوية والتزوير في تسجيل الأطفال

في يوليوز 2025 بمدينة طنجة، شهدت محكمة الأسرة حادثة غير مسبوقة تمثلت في قيام رجل بالتنكر بزي امرأة بهدف تسجيل طفل مجهول النسب. توجه الرجل متنكراً إلى المحكمة مدعياً أنه امرأة حاملة للطفل، إلا أن عملية أخذ البصمات كشفت الحقيقة حيث تبين أنه رجل من ذوي السوابق القضائية، ما أدى إلى توقيفه وإيداع الطفل في مركز لإيواء الأطفال بينما تستمر التحقيقات في ملابسات القضية. واتخذت المحكمة إجراء قانونياً بإصدار حكم بالسجن لمدة أربعة أشهر وغرامة مالية قدرها 5000 درهم بحق المتهم، إذ تعتبر هذه الحادثة محاولة احتيال وتزوير بهدف تسجيل الطفل بطرق غير قانونية، مما يعكس جديّة السلطات القضائية والأمنية في مكافحة التلاعب بالأوراق الثبوتية .وشملت التهم الموجهة للرجل انتحال صفة امرأة، ومحاولة الحصول على هوية مزورة بطرق احتيالية، والتزوير في الوثائق بهدف تسجيل طفل مجهول النسب، وهو ما يندرج تحت إطار جرائم الاحتيال القضائي التي يفرض القانون المغربي عقوبات صارمة عليها، تشمل السجن لفترات متفاوتة وغرامات مالية كبيرة.
وفي سياق تشريعي أوسع، ينص القانون المغربي على أن انتحال الهوية بقصد الاحتيال يُعاقب عليه بالسجن من ستة أشهر إلى خمس سنوات، مع فرض غرامات مالية تصل إلى مئات الآلاف من الدراهم حسب طبيعة الجريمة وحجم الأضرار المرتبطة بها، خاصة إذا ارتبط الانتحال بتزوير وثائق رسمية أو تسجيلات قانونية.
كما يمتد القانون ليشمل حالات ارتداء زي رسمي أو ادعاء مهنة دون حق، ما يجعل العقوبات أكثر تشدداً بما يحفظ النظام القانوني ويُحبط محاولات الاحتيال.
ويعود القانون المغربي فيما يخص تسجيل الأطفال بدون وثائق إلى آليات قانونية تتيح تسجيل المواليد حتى في غياب شهادة الزواج أو إثبات الأب، إذ يمكن تسجيل الطفل كمجهول النسب مع فتح المجال لإثبات النسب لاحقاً عبر الدعوى القضائية. ويفرض القانون أن يتم تسجيل الولادة خلال 30 يومًا مع تقديم شهادة طبية، أما إذا تم التأخر في التسجيل فيستلزم ذلك حكمًا قضائيًا مع إثباتات إضافية، ويُفرض غرامات مالية على المتأخرين لضمان حقوق الطفل وتحديد هويته القانونية بشكل سليم.
ورغم هذه الإجراءات، تبرز قضايا التنكر والانتحال التي هدفها التلاعب في عمليات تسجيل الأطفال كمحاولات احتيال تهدد استقرار النظام القانوني، وتضعف حقوق الأطفال والأسر.
تُظهر هذه القضايا الحاجة الماسة إلى مراجعة وتطوير التشريعات لتكون أكثر وضوحاً وشمولية في التعامل مع جرائم انتحال الهوية والتزوير والاحتيال القضائي، خاصة فيما يتعلق بحماية الحقوق الشخصية وتسجيل الأطفال.
فالتأخر في تحديث القوانين أو وجود ثغرات قانونية قد يُفضي إلى تعطيل مرفق العدالة وتعقيد معالجة قضايا حساسة مثل التنكر أو تزوير الوثائق، ما يستدعي إصدار تشريعات جديدة أو تعديل القوانين الحالية لتكبح هذه الظواهر.
ومن الناحية الاجتماعية والقانونية، تؤدي هذه الجرائم إلى فقدان الثقة في النظام، وتزرع شكوكاً حول نزاهة وثبات المعاملات القانونية، فضلاً عن الأثار السلبية التي تلحق بالأفراد المتورطين، مثل الحرمان من بعض الحقوق القانونية وصعوبة الاندماج في المجتمع.

في المحصلة، حادثة الرجل الذي تنكر بزي امرأة لتسجيل طفل مجهول النسب في طنجة لم تكن سوى نموذج مصغر لما تواجهه منظومة القانون في المغرب من تحديات في مجال محاربة الاحتيال والتزوير، وتُسلط الضوء على ضرورة تعزيز وسائل الحماية القانونية وتطوير الأطر التشريعية بما يضمن تحقيق العدالة وصون الحقوق، مع تشديد العقوبات الرادعة التي تردع مثل هذه الجرائم وتحافظ على استقرار النظام القانوني والاجتماعي في آن واحد.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!