تعديل سعر جهاز “باس جواز” بالمغرب: خطوة استراتيجيات مع تحديات اجتماعية واقتصادية
رفع السعر يثير جدلاً بين المستخدمين ويهدد حركة السياحة الداخلية وسط حاجة لتعزيز الشفافية والتواصل

تشهد الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب تحولات مهمة في سياسة تسعير جهاز “باس جواز” الذي يعتبر أداة رئيسية لتسهيل حركة المرور على الطرق السيارة والتقليل من الازدحامات خاصة خلال أوقات الذروة حيث يشكل حوالي 60% من المعاملات، وترتفع النسبة في قطاع نقل البضائع الثقيلة إلى نحو 80%. بعد خمس سنوات من التسعيرة الرمزية التي كانت محددة بـ10 دراهم فقط، أعلنت الشركة عن رفع السعر ابتداءً من سبتمبر 2024 إلى 100 درهم دون أي رصيد مسبق، وذلك بعد بيع أكثر من مليوني جهاز في السوق، مع إطلاق عرض ترويجي صيفي مؤقت منذ يوليوز 2025 يتيح اقتناء الجهاز بسعر مخفض يبلغ 80 درهماً بهدف تشجيع المستعملين على الاعتماد عليه خلال موسم العطلات الصيفية.
تأتي هذه الخطوة في سياق سعي الشركة لتحقيق تعميم الخدمة وضمان توازن اقتصادي يمكنها من الحفاظ على جودة واستمرارية العمل، لا سيما مع تزايد الحاجة لتطوير البنية التحتية الرقمية لقطاع النقل في المغرب. ولكن، على الرغم من المبررات التي قدمتها الشركة بشأن تحسين الخدمات وتحديث الأسعار لمواكبة الواقع الجديد، فإن القرار أثار جدلاً واسعًا واستياءً بين المستخدمين الذين اعتبروا أن رفع السعر جاء في توقيت حساس وزاد من العبء المالي على الأسر المغربية، خاصة وأن السعر الجديد لا يشمل رصيداً للاستخدام بل يتطلب إعادة تعبئة منفصلة تضيف تكاليف إضافية.
ردود الفعل السلبية لم تقتصر فقط على المستعملين العاديين بل شملت أيضًا نشطاء ومختصين في حقوق المستهلك الذين أشاروا إلى عدم شفافية القرار وغياب التوضيحات الكافية، ما دفعهم إلى مطالبة الجهات الرقابية بالتدخل والنظر في مراجعة التسعيرة وإمكانية مقاطعة الجهاز في حال استمرار الأوضاع على هذا النحو.
كما أثار هذا التعديل تساؤلات حول التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية خاصة في ظل الظروف المالية التي يمر بها العديد من المغاربة.
علاوة على ذلك، فإن زيادة سعر جهاز “باس جواز” لها تداعيات واضحة على قطاع السياحة الداخلي، إذ تشكل تكلفة التنقل عاملاً رئيسياً في قدرة السياح المحليين على تحريك رحلاتهم واستكشاف الوجهات المختلفة داخل البلاد.
ارتفاع تكاليف التنقل، إلى جانب تكاليف الإقامة والخدمات الأخرى، قد يدفع السياح لتقليص أيام إقامتهم أو حتى تأجيل رحلاتهم، مما ينعكس سلبًا على الحركة السياحية والإيرادات المرتبطة بها. ومن هنا، يبرز دور التسعير المتوازن لجهاز “باس جواز” كعنصر استراتيجي في دعم تنافسية المغرب السياحية والحفاظ على قدرة المستهلكين على الاستفادة من خدمات الطرق السيارة بيسر دون تحميلهم أعباء إضافية تفوق طاقتهم.
في المجمل، يعكس تعديل سعر جهاز “باس جواز” تحديات متشابكة بين ضرورة تحديث الخدمات وتأمين استدامتها اقتصادياً من جهة، وبين حماية مصالح المستعملين وتأمين بيئة معيشية متوازنة من جهة أخرى، وسط حاجة ملحة لتعزيز قيم الشفافية والتواصل الجيد مع الجمهور لتجنب التوترات وضمان قبول المجتمع لهذه التغييرات المهمة في قطاع حيوي يمس حياة الملايين يومياً.