وقفة احتجاجية لتجار السوق البلدي القديم ببنسليمان تعكس أزمة الترحيل والحقوق المهددة
تجار يطالبون بحوار شفّاف ولجنة مختلطة لتفقد السوق الجديد وضمان بيئة عمل آمنة وصحية

شهد السوق البلدي القديم بمدينة بنسليمان اليوم وقفة احتجاجية نظمها تجار السوق تعبيرًا عن استيائهم من قرار ترحيلهم إلى السوق البلدي الجديد، وذلك عقب الدعوة إلى اجتماعين بمقر الجماعة مخصصين لإجراء عملية القرعة، التي وصفها التجار بأنها سابقة لأوانها وغير مدروسة بشكل جيد.
هذا الاحتجاج لم يكن مجرد رفض للقرعة بحد ذاتها، بل هو انعكاس لمجموعة من المشاكل والأزمات التي تراكمت لدى التجار، الذين يطالبون بإجراءات شفافة تضمن حقوقهم وتراعي خصائص نشاطاتهم المتنوعة، سواء كانوا جزارين أو بائعي خضر ودجاج وعطارين أو بائعي سمك.
وعبر تجار السوق البلدي القديم عن قلقهم الشديد من ظروف العمل في السوق الجديد، حيث يشكون من ضيق مساحات المحلات ونقص توفر شروط السلامة الصحية، ما يجعل بيئة العمل صعبة وغير ملائمة لنشاطاتهم التي تعتمد على مواد غذائية قابلة للتعفن والتلف.
وقد أشار التجار إلى أن غياب مرافق تخزين مناسبة، وعدم وجود بنية تحتية صحية كافية مثل التهوية وصرف المجاري والنظافة، يزيد من مخاطر التعفن ويهدد صحة المستهلكين والتجار على حد سواء. وهذا كله يجعل السعرات الاقتصادية للتجار في وضع هش، مما ينتج عنه خسائر مادية وسوء استقرار نفسي وقانوني.
كما أبدى التجار استياءهم من عدم وضوح وضعيات الكراء في السوق الجديد، حيث لم يتلقوا أي وثائق تثبت حقوقهم في المحلات الجديدة، ولا توجد معايير محددة للأسعار، ما يترك العديد منهم في موقف قانوني غير محمي معرضين للاستغلال أو الإقصاء دون حماية قانونية كافية. ومع غياب الحوار المسبق أو المشاورة الفعلية، يشعرون بأنهم أُجبروا على الترحيل دون أخذ رأيهم بعين الاعتبار، مما يعد انتهاكًا لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، ويؤثر على هويتهم وأهمية السوق القديم كمركز اقتصادي واجتماعي في المدينة.
وسط هذه الظروف، صرح التجار عن استعدادهم الكبير للحوار البناء والمسؤول من أجل مصلحة المدينة والسوق، وأنهم يمدون يدهم للتعاون من أجل الخروج من هذه الأزمة التي تؤثر على الجميع. وقد طالبوا بإيفاد لجنة مختلطة لتفقد السوق الجديد، والاطلاع على جميع الجوانب المتعلقة بالبنيات التحتية، وشروط الكراء والسلامة الصحية، وإجراء تقييم موضوعي رسمي يوثق بمحضر رسمي يأخذ مطالبهم وملاحظاتهم بعين الاعتبار، وهو ما من شأنه أن يفتح صفحة جديدة من التعاون والشفافية.
تعتبر هذه الوقفة الاحتجاجية تعبيرًا واضحًا عن مطالب تجار السوق البلدي القديم، الذين يرون أن تطوير السوق يجب أن يكون متوازنًا ويصون خصوصيات كل نشاط تجاري، مع احترام معايير السلامة الصحية والقانونية، وضمان استمرارية النشاط وحماية سلامة المستهلكين.
إن معالجة هذه الأزمة تتطلب فتح حوار جاد وشامل بين السلطات والتجار، بهدف التأكد من توفير بيئة عمل آمنة وصحية ومناسبة لكل الفعاليات التجارية، مع احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والقانونية للتجار، وهو ما ينعكس إيجابًا على الحفاظ على النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمدينة بأكملها.
تبقى قضية ترحيل تجار السوق البلدي القديم في بنسليمان إحدى القضايا التي تستدعي تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول عادلة ومستدامة توازن بين التحديث وحقوق الإنسان، وتضمن تطوير بنية تحتية ملائمة تُحافظ على كرامة التجار وحماية المستهلكين، مع صيانة الهوية الاجتماعية والاقتصادية العريقة للسوق القديم التي تعد ركيزة أساسية في حياة المدينة.