
تشهد منطقة المغرب والفلاة المحيطة بها مع دخول موسم الصيف فترة تعرف باسم “الصمايم”، والتي تمتد لحوالي 40 يومًا وتنقسم إلى مرحلتين متميزتين تعكسان تغيرات مناخية واضحة تؤثر على حياة السكان ونشاطاتهم الزراعية.
في العشرين يوم الأولى، التي يطلق عليها “الصمايم الحامية”، ترتفع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، بحيث تسود أجواء حارة طوال النهار والليل، مما يجعل هذه الفترة من أشد فترات الصيف حرارة.
تتسم هذه الأيام بحرارة شديدة تستغلها الفلاحة في القيام بعمليات الحرث وزرع بعض المزروعات التي تحتاج إلى هذه الظروف. هذه المرحلة تحمل معها دلالات وتأثيرات كبيرة على المحاصيل وعلى حركة الناس في المنطقة.
ويقال في هذه الفترة (( حيطك لا تمس وولدك عس )) أي أن العقارب يشتد أذاها في هذه الفترة و تؤدي لسعاتها للموت. لذا ينصح من عدم الاقتراب من شقوق الجدران ويجب حماية الاطفال على ذلك.
ومع بداية العشرين يوم الثانية، تنتقل الأجواء إلى مرحلة “الصمايم الباردة”، حيث تستمر حرارة النهار مرتفعة، لكن تنخفض درجات الحرارة في الليل تدريجياً، مما يخفف من قسوة الحر ويُحسن من جودة الجو. هذه المرحلة تُعد مؤشراً على اقتراب نهاية الصيف ووصول موسم الخريف، حيث تبدأ الأجواء بالاعتدال وتتحضر الأرض لاستقبال موسم جديد من النشاطات الزراعية. ويشيع في الناس المثل القائل: “إلا فاتت الصمايم رد بالك من الغمايم”، في إشارة إلى قرب نزول الأمطار وغيوم السماء بعد فترة الحر الشديد.
كما يقال في 14 غشت (( كول منين شت)) يقصد به اي نخله يسقط عليها نظرك فتاكد بان بها تمر ناضج و يقال تنشأ به نواة البرد كما يبتدئ تشكل الجنين في البيضة و يرون أن برد هذه الفترة ضار فيقال: (( ضربة بالسيف ولا برد الصيف )).
تأتي هذه الفترتان الموسميتان شاهداً على التناغم بين تقاليد الفلاحين والتغيرات المناخية الموسمية، حيث يعتمد الفلاحون على هذه الظواهر في تنظيم أعمالهم الزراعية. كما تؤكد الصمايم على الخصوصية المناخية للمنطقة التي تميزها بين حر الصيف الشديد وبرودة الليالي التي تسبق قدوم الخريف.
بهذه الحال، تبقى الصمايم مرحلة حيوية في الدورة الزراعية والمناخية في المغرب، تحكي قصة انتقال الصيف من ذروة حرارته إلى لحظة الارتداد نحو اعتدال الطقس وانتعاش الطبيعة.