
تتعرض غزة منذ سنوات لحصار إسرائيلي خانق أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وضعف القدرة على تأمين أساسيات الحياة لسكان القطاع. بين شح الإمدادات الغذائية ونقص المواد الأساسية، عانت مخابز غزة بشكل خاص من توقف شبه كامل نتيجة نفاد مخزون الطحين والوقود الضروري لتشغيلها، مما جعل الخبز أمنية يصعب تحقيقها وأدى إلى تفاقم أزمة المجاعة بين الأهالي. وقد شكل ذلك تهديدًا مباشرًا للحياة اليومية للمواطنين الذين اعتمدوا على هذه المخابز لتوفير الرغيف الأساسي.
وتأتي المبادرة المغربية التي تعددت تقارير وسائل الإعلام بتغطيتها الواسعة لتحقق انفراجة في حياة سكان غزة.
فقد وصلت شحنات الدقيق المغربي بتوجيهات سامية من جلالة الملك محمد السادس، مما مكن المخابز المحلية من استئناف أعمالها وزاد من فرص توفير الخبز الذي يشكل الدعامة الأساسية للأمن الغذائي في القطاع. انعكست هذه الخطوة باعتبارها دعمًا عمليًا وإنسانيًا ساهم في تخفيف وطأة الأزمة المتفاقمة في ظل حصار مستمر وظروف تشغيل صعبة.
كانت ردود فعل سكان غزة ملؤها الامتنان والتقدير العميق لجلالة الملك محمد السادس وللشعب المغربي على هذه المساعدة التي تدخل ضمن الدعم العربي المتواصل للقضية الفلسطينية. حيث عبر المواطنون عن فرحتهم بعودة عمل المخابز، ما يعني توفير الطعام الضروري للأسر، مؤكدين أن هذا الدعم يعزز من صمودهم ويمنحهم شعورًا قويًا بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة المحن. وجدت هذه المبادرة صدى واسعًا في وسائل الإعلام التي ركزت على إشارات التفاؤل هذه، لكنها لم تغفل في الوقت نفسه حجم التحديات المستمرة، حيث لا تزال معظم المخابز تواجه صعوبات في الحصول على المواد الخام والوقود، وهو ما يتطلب مزيدًا من الدعم والاستمرارية لضمان الأمن الغذائي الكامل.
أما من جانب الخبازين المحليين في غزة،فقد جاءت شهاداتهم لتصور الواقع المأساوي الذي عايشوه بفعل نقص الطحين والمواد الأساسية، حيث وصف البعض وصول الدقيق المغربي بأنه “ذهب أبيض” يعيد الحياة للعمل الذي توقف لشهور طويلة.
كما شهد الخبازون أن توقف المخابز كان كارثيًا على السكان، وأجمعوا على أن هذه المساعدات تعبر عن دعم إنساني عميق يرسخ أمل الصمود ويخفف من معاناة الأهالي في مواجهة الحصار والقصف.
الحصار الذي أوقف معظم المخابز جاء ليشكل ضربة قاسية للأمن الغذائي في غزة. من خلال إغلاق المخابز ونفاد المواد الأولية، تفاقمت أزمة الخبز بشكل يهدد حياة الملايين، حيث أغلقت معابر القطاع وأصبحت المستلزمات غير متوفرة بشكل كاف. انعكس هذا على ارتفاع أسعار الخبز ونقصه، واضطرار السكان للانتظار لساعات طويلة للحصول على رغيف، مع ما واكب ذلك من تفاقم للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
في هذا السياق، كان للدقيق المغربي تأثير إيجابي ملموس على الحد من الانهيار التام للأمن الغذائي، حيث ساهم في استئناف عمل عدد من المخابز رغم الظروف الصعبة، ما قلل من حدة أزمة الخبز والاحتقان الاجتماعي المرتبط بها. رغم ذلك، لا تزال الاحتياجات كبيرة والتحديات قائمة، إذ أن الدعم المقدم حتى الآن لا يغطي الحاجات الكاملة لجميع سكان القطاع، مما يبرز الحاجة إلى استمرار الدعم الدولي وضغط المؤسسات على الاحتلال لتخفيف الحصار.
يأتي هذا الدعم المغربي كمثال حي على التضامن العربي الذي يتجاوز حدود المواقف السياسية ليصل إلى تقديم المساعدة الإنسانية الفعلية، معززًا من قدرة الفلسطينيين على الصمود في ظروف بالغة القسوة.
ويشكل وصول الدقيق المغربي وتشغيل المخابز مؤشرًا إيجابيًا رغم صعوبة الواقع، ومساهماً هاماً في تعزيز الأمن الغذائي وتوفير أساسيات الحياة لسكان غزة.
ويبقى الأمن الغذائي في القطاع هشًا ويحتاج إلى مزيد من الجهود لتأمين الاستقرار الغذائي الكامل، في ظل استمرار الحصار وتداعياته الإنسانية الخطيرة.