دوليسياسةصحافة

تطورات جديدة في مشروع القرار الأمريكي حول الصحراء المغربية

تشهد قضية الصحراء المغربية حركية دبلوماسية جديدة داخل أروقة الأمم المتحدة، بعد تداول نسخة محدّثة من مشروع القرار الأمريكي المقدم إلى مجلس الأمن الدولي بخصوص تمديد ولاية بعثة المينورسو. المشروع الذي صاغته واشنطن بصفتها حاملة القلم في هذا الملف، عرف تغييرات لافتة في لغته ومضامينه السياسية، ما أعاد النقاش حول توازن المواقف داخل المجلس الدولي.

تؤكد مصادر دبلوماسية مطّلعة أن النسخة الأخيرة من المشروع الأمريكي جاءت بصيغة أكثر توازناً مقارنة بالقرارات السابقة، مع الإبقاء على الإشادة المتكررة بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها مقترحاً جدّياً وذا مصداقية. غير أن بعض العبارات التي كانت تبرز هذا المقترح كـ“الحل الوحيد الواقعي” تمّ حذفها لأسباب تتعلق بالحفاظ على التوافق داخل المجلس، خصوصاً أمام التحفظات التي تبديها كل من روسيا والصين. ويرى مراقبون أن هذه الصيغة الجديدة تسعى إلى الحفاظ على الإجماع الدولي حول المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، دون المساس بالثوابت التي تعتبر الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية واستدامة للنزاع الإقليمي.

يقترح مشروع القرار تمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية أبريل 2026، مع دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس واحترام اتفاق وقف إطلاق النار. كما يشدد على ضرورة دعم جهود المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا لإعادة إطلاق العملية السياسية على أساس الموائد المستديرة التي تجمع المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو. وتتضمن الوثيقة أيضاً إشارة إلى تسجيل اللاجئين في مخيمات تندوف، وهي خطوة تعتبرها الرباط أساسية لضمان الشفافية الإنسانية، بينما تواصل الجزائر رفضها لأي إحصاء رسمي للاجئين فوق أراضيها.

ويُعدّ هذا التمديد لمدة ستة أشهر فقط سابقة نسبية في تعاطي مجلس الأمن مع الملف، إذ جرت العادة أن تُمدّد الولاية إلى غاية أكتوبر من كل سنة. ويرى مراقبون أن هذا التغيير يهدف إلى إبقاء الملف قيد المتابعة المكثفة داخل المجلس، ومنح المبعوث الأممي فترة زمنية محدودة لتقديم تقرير مفصل حول نتائج مشاوراته، تمهيدًا لاعتماد قرار جديد في أبريل المقبل يحدد ملامح المرحلة اللاحقة من مسار التسوية السياسية.

في المقابل، عبّرت جبهة البوليساريو عن رفضها القاطع للمشروع، معتبرةً أنه لا يتضمن ضمانات كافية لما تسميه “حق تقرير المصير”. أما المغرب فقد تعامل مع المسودة الجديدة بترحيب حذر في انتظار اعتمادها الرسمي، مبرزاً أنه يظل منخرطاً في المسار الأممي بحسن نية، على أساس أن لا حل للنزاع خارج مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. أما داخل مجلس الأمن فقد أبدت فرنسا والولايات المتحدة دعمهما الثابت للموقف المغربي، في حين واصلت روسيا والصين التعبير عن تحفظات على بعض المصطلحات السياسية التي تراها “غير متوازنة”.

يرى متتبعون للشأن الأممي أن هذه التطورات تؤكد استمرار الاعتراف الدولي المتنامي بمقترح الحكم الذاتي كخيار عملي لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. كما تعكس رغبة واشنطن في الحفاظ على الزخم الدبلوماسي دون صدام داخل المجلس، خصوصاً في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية. ومن جهة أخرى، يبرز إدراج قضية اللاجئين وتأكيد احترام وقف إطلاق النار كمؤشرات على توجه نحو الواقعية السياسية ومحاولة فرض مسار تفاوضي جديد يركز على الاستقرار الإقليمي والتنمية المشتركة.

يُعتبر مشروع القرار الأمريكي الجديد خطوة إضافية في مسار دعم الحل السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة، مع الاعتراف المتواصل بجهود المغرب الجادة وواقعية مقترح الحكم الذاتي. وفي انتظار اعتماد النص رسمياً من مجلس الأمن، تبقى المملكة المغربية ثابتة في مواقفها، متمسكة بسيادتها الكاملة على أقاليمها الجنوبية، ومستمرة في نهج التنمية والاندماج الإفريقي باعتبار الصحراء المغربية جزءاً لا يتجزأ من ترابها الوطني.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!