جهات

إبراهيم غالي أمام العدالة رغم التمويه الممنهج للجزائر والتضليل الإعلامي للبوليساريو

نشرت جريدة لاراثون الإسبانية مقالا تحت عنوان: “إبراهيم في إسبانيا: إجابات وتأملات عن حدث لم يسبق له مثيل”، حيث استهل الكاتب مقاله قائلا بأنه وبعد مرور عدة أيام على دخول زعيم الانفصاليين الديار الإسبانية، حان الوقت للتفكير في هذه الوضعية التي تحمل في طياتها عدة مسائل غير واضحة والتي قد تؤثر على العلاقات بين المغرب وإسبانيا.

وأول شيء يستمر شد الانتباه إليه في هذه القضية هو الغموض الذي يحيط بها من حيث المعلومات المتناقضة التي تولدت عنها إشاعات لم تتمكن وزيرة الخارجية، كونزاليس لايا، تسليط الضوء عليها، بل زادتها غموضا. زيادة على ذلك هناك تشابه كبير مع إشاعة كانت قد تسربت منذ سنين في نفس الموضوع وحول نفس الشخص، حيث هناك تطابق كبير بين الحدثين حتى في قضية الهوية المزورة مما جعل الشك يتسرب إلى الدهون كون تلك الشائعة القديمة يمكن أن تكون حقيقية مما جعل الكثيرين يتساءلون هل هي المرة الأولى التي يدخل فيها غالي إلى إسبانيا في ظروف مشابهة.

وأضاف كاتب المقال بأنه تم الاحتفاظ بالمعلومة المذكورة حين أعلنها جون أفريك خوفا أن تكون شائعة زيادة على أن تلك المعلومة كانت صارخة وتضمنت معطيات يصعب تصديقها؛ خصوصا الحصانة العدلية التي وعدت بها الخارجية الإسبانية السلطات الجزائرية التي قامت بالوساطة. وهذا يحيلنا على سيناريو غريب كون دولة ديمقراطية عريقة لاتحترم الفصل بين السلط واستقلالية القضاء.

وأردفت يومية “لاراثون” قائلة بأنها تهنئ وسائل الإعلام الإفريقية التي تمكنت من من إدراك الشيء الأهم ألا وهو تواجد غالي على الأراضي الإسبانية رغم التضليل الإعلامي الذي انتهجته وسائل إعلام الانفصاليين. ومازاد الطين بلة هو الحكومة الإسبانية التي لزمت صمتا، غير مشكوك، يمكن أن يؤثر على المصلحة العامة.

وأردف كاتب المقال قائلا بأن في هذا السياق، فإن إحدى المسائل الرئيسية التي لا يزال يتعين توضيحها هي “طريقة العمل” المستخدمة لدخول غالي إسبانيا، فضلا عن الحالة القانونية التي يوجد فيها غالي، نفسه، في إسبانيا، وليس فقط الطريقة التي دخل بها البلاد، ولكن أيضا ما إذا كان قد فعل ذلك بجواز سفر دبلوماسي جزائري، وهو شيء يصعب تفسيره، وهل هذا الأخير دخل باسم مستعار أو تم منحه ذات الإسم إثر تسجيله في المستشفى، وهل يراد من كل هذا الإفلات من المتابعة من طرف العدالة باعتبار أن لغالي قضية معروضة أمام المحكمة الوطنية بإسبانيا رغم محاولة أبواق الانفصاليين نفي ذلك.

ومن ثم لايجب أن ننسى تورط هذا الأخير في  الاعتداءات وجرائم القتل التي ارتكبتها دوريات البوليساريو على الصيادين الكناريين العزل خلال عقد من الزمن وكذا قضية اغتصاب الشابة خديجتو محمود التي وجدت شكايتها طريقها إلى المحكمة المذكورة، وكذا القضية الأساسية وهي ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. هذه القضية التي تدحرجت كثيرا في المحاكم.

وخلافا لما تدعيه البوليساريو ومؤيدوها، فإن القضية لم تغلق، وإنما أعيد فتحها عدة مرات لإطالة فترة التحقيق، وبالتالي، كلما اشتبه في وجود أحد المتهمين في إسبانيا أو الاتحاد الأوروبي، يمكن تقديمه إلى العدالة. ولهذا السبب، وفي انتظار تقرير المدعي العام، طلب منه إعادة فتح الملف المؤقت، للتحقق من ظروف إقامة غالي في إسبانيا، الأمر الذي سيؤدي إلى الإخطار وشرط تقديم الشكوى ضده أو عند الاقتضاء اعتقاله.

لذا فوجود شخص أفلت من العدالة في قضية من هذا العيار على التراب الإسباني هو أكثر من سبب كاف لإعادة فتح الشكوى وإخطار المدعى عليه بها. وعلى أية حال، ووفقا للمحامين المسؤولين عن هذه القضية، هناك أدلة كافية تبرر التحقيق مع إبراهيم غالي وإدانته (شاهد وخبير وما إلى ذلك).

ولكن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يشل هذه العملية هو الوضع الصحي الذي وصل إليه إبراهيم غالي والذي أصبح معقدا جدا، وهذا يرتبط مباشرة بالسبب الواهي الذي قدمته الوزيرة غونزاليس لتبرير إقامة غالي في إسبانيا حيث يعني هذا أن الأسباب “الإنسانية البحتة” هي التي سمحت لزعيم الجبهة المزعومة بدخول المستشفى في لوغرونيو.

وقد أكدت عدة وسائل إعلامية بأن تواجد غالي في إسبانيا هو تدهور حالته الصحية بسبب سرطان المعدة الذي يعاني منه منذ مدة رغم محاولة أبواق البوليساريو إيهام الجميع بأنه لايعاني سوى من إصابة بوباء كوفيد 19 وبأن حالته الصحية في تحسن.

لكن لايجب أن ننسى بأن الوضع الصحي لإبراهيم غالي ليس بالأمر الهين لأن مجموعة من الأشخاص مرتبطين به. ولا سيما إذا ما وضعنا في الاعتبار الحالة في المخيمات، وحالة الحرب المفترضة، والمستقبل الغامض الذي سيفتح من حيث التعاقب الذي يمكن أن يمثل نقطة تحول من حيث التغيير المحتمل للقيادة، في السعي إلى حل الحوار الذي تطلبه الأمم المتحدة بشدة منذ سنوات، والذي يطالب به عدد كبير من المجتمع المدني الصحراوي بشدة.

وفي الوقت نفسه، ومن جانب البوليساريو، هناك تكتم كبير عن المعلومات المتعلقة بحالة زعيمها. وفي مخيمات تندوف، وفي أجزاء أخرى من العالم، يريد الكل أن يعرف ما يجري،  وكذا أن لايكذب عليهم أحد مرة أخرى كما جرى منذ أسبوع، حينما أخبروهم بأن غالي لايتواجد بإسبانيا.

للتذكير فإن قاضي التحقيق في مدريد، سانتياغو بيدراز غوميز، أصدر أمرًا بالاستماع إلى إبراهيم غالي ورفاقه في 5 ماي الجاري، فيما يتعلّق بالشكوى الَّتِي قدَّمها ضده عشرات المواطنين المغاربة الصحراويين أمام القضاء الإسباني.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!