أخبارإقتصادسياسة

إفلاس حوالي 13 ألف شركة في المغرب في عام 2023 ، بسبب الوضع الاقتصادي العالمي

من المتوقع أن تصل إيداعات الإفلاس إلى مستوى قياسي في عام 2023 ، وفقًا لتقرير صادر عن شركة Allianz Trade

سجّل المغرب رقماً قياسياً في عدد إفلاس الشركات العام الماضي نتيجة 3 أسباب رئيسية، تتمثل بتأخر حصولها على أثمان منتجاتها، وأثر التضخم على أسعار المواد الأولية، وتداعيات جائحة كورونا.

بحسب دراسة أصدرها مكتب “أنفوريسك” (Inforisk)، المتخصص بالمعلومات القانونية والمالية حول الشركات المغربية، بلغ عدد الإفلاسات المُصرّح بها لدى المحاكم 12397 حالة، بارتفاع سنوي 17.4%. متوقعاً استمرار وتيرة الارتفاع عن المعدل المسجل في السنوات الخمس الأخيرة بنحو 15%.

أمين الديوري، مدير الدراسات والاتصال في “أنفوريسك”، أفصح لـ”اقتصاد الشرق” أن هذا الرقم يُعتبر الأعلى في تاريخ المغرب، موضحاً أن نحو 99% من هذه الشركات المفلسة صغيرة جداً.

ماكسيم لوميرل،رئيس دراسات الافلاس في Allianz Trade

وفي النسخة الأخيرة من “مؤشر الإعسار العالمي” ، توقعت شركة أليانز تريد ، التابعة لشركة التأمين الألمانية ، إفلاس حوالي 13 ألف شركة في المغرب في عام 2023 ، بسبب الوضع الاقتصادي العالمي. وهو رقم ، إذا تحقق ، سيكون رقماً قياسياً جديداً لإخفاقات الأعمال في المغرب.

أقل ما يقال عن توقعات أليانز أنها مقلقة. في الإصدار الأخير من مؤشر إفلاس الأعمال العالمي للفترة 2020-2024 ، اقترحت الشركة التابعة لعملاق التأمين الألماني أن 13000 شركة مغربية يجب أن تتوقف عن العمل في عام 2023. إذا تحقق ذلك ، فسوف يرتفع هذا الرقم بنسبة 5٪ مقارنةً بعام 2022 (12937 إخفاقًا) وفوق ذلك كله سيحدد رقماً قياسياً جديداً لإخفاقات الأعمال في المملكة. لأنه حتى في ذروة الأزمة الصحية ، في عام 2021 ، كان لدى الدولة 10552 حالة “فقط” من حالات الإفلاس ، بزيادة 59٪ مقارنة بعام 2020. عزاء صغير: القوى العاملة في الشركات الفاشلة يجب أن تتوقف في عام 2024.

إذا تم تأكيد هذا التوقع ، فسيكون لدى المغرب أكثر من 56000 شركة مفلسة بين عامي 2020 و 2024. رقم مقلق ، مرة أخرى ، يظهر أن عواقب Covid-19 لا تزال واضحة للعيان في الفحوصات الصحية للنسيج الاقتصادي. مغربي.

حالة المغرب ليست معزولة على الإطلاق. وفقًا للملاحظة البحثية لشركة Allianz Trade ، من المتوقع أن يزداد عدد حالات الإفلاس عالميًا بنسبة 21٪ في عام 2023 و 4٪ في عام 2024. وفي الولايات المتحدة ، ستتأثر 20000 شركة (+ 49٪) ، وستكون في الصين 7800 ( + 4٪) ، خاصة بسبب الصعوبات التي يواجهها قطاع البناء في المملكة الوسطى. كما أن أوروبا لم تسلم من ذلك. من المتوقع أن تسجل فرنسا 59000 حالة إفلاس في عام 2023 (+ 43٪) ، مقارنة بـ 28500 حالة في المملكة المتحدة (+ 16٪) ، و 17800 حالة في ألمانيا (+ 22٪) و 8900 حالة في إيطاليا (+ 24٪).

وفي نفس السياق ،سبق وأظهرت نتائج دراسة أنجزها مكتب دراسات “أنفوريسك” أن حوالي 12 ألف شركة تعرضت للإفلاس العام الماضي، بزيادة نسبتها 17.4% مقارنة بعام 2021

وسُجلت أغلب حالات الإفلاس في الشركات الصغيرة جدا بنسبة 99.2%، فيما تمثل الشركات الصغرى والمتوسطة نسبة 0.7%.

ويرى،حينها، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة عبد الله الفركي أن هذا الرقم لا يعكس سوى الشركات ذات الشخصية المعنوية التي أعلنت إفلاسها رسميا لدى المحاكم، أما العدد الحقيقي فقد تجاوز 20 ألف شركة.

عبد الله الفركي يدعو إلى إعطاء اهتمام أكبر للشركات الصغيرة والصغيرة جدا (الجزيرة)

ويوضح الفركي أن أغلب الشركات الصغيرة جدا هي شركات أفراد، وهي الأكثر تضررا ومعاناة بسبب أزمة كورونا والارتفاع العالمي للأسعار وغياب الدعم الحكومي، مضيفا أن هذه الشركات لا يتم إحصاؤها كونها لا تقوم بالتصريح بالإفلاس لدى الجهات المختصة.

وفي تقرير للجزيرة ،فإن الشركات في المغرب تنقسم إلى شركات صغيرة جدا وصغرى ومتوسطة وكبرى.

  • الشركات الصغيرة جدا: لا يتعدى رقم معاملاتها 3 ملايين درهم (حوالي 300 ألف دولار)، وعدد العمال فيها أقل من 10 أشخاص.
  •  الشركات الصغرى: يتراوح رقم معاملاتها بين 3 ملايين و50 مليون درهم (بين 300 ألف و5 ملايين دولار).
  • الشركات المتوسطة: يتراوح رقم معاملاتها بين 50 مليونا و75 مليون درهم (بين 5 ملايين و7.5 ملايين دولار).
  • الشركات الكبرى: يتجاوز رقم معاملاتها 75 مليون درهم (7.5 ملايين دولار) أو تشغل أكثر من 200 عامل.

وتتكون بنية الشركات بالمغرب من 93% من الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة (64% من الشركات الصغيرة جدا و29% من الشركات الصغرى والمتوسطة)، في حين لا تمثل الشركات الكبرى سوى حوالي 7% حسب دراسة للمندوبية السامية للتخطيط، ويتركز ثلثا هذه الشركات تقريبا (63%) في المجال الجهوي للدار البيضاء وطنجة.

وأضافت ان، الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة توفر حوالي 74% من فرص العمل في القطاع المنظم، حسب المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.

وتهيمن هذه الشركات على النسيج الإنتاجي المغربي، إذ تمثل 99.6% من بين أكثر من 296 ألف شركة.

وتعمل 30% من الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في التجارة، و23% في البناء.

وتمثل هذه الشركات  41% من مجمل رقم معاملات الشركات بالمغرب، و26% من المعاملات الموجهة للتصدير، و35% من القيمة المضافة.

وعزا تقرير “أنفوريسك” إفلاس هذه الشركات إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما تلا ذلك من ارتفاع في أسعار المواد الأولية وقفزات التضخم التي بلغت مستويات قياسية، إلى جانب ضعف اللجوء إلى الإجراءات الوقائية التي تنص عليها المنظومة القانونية للشركات والتجارة.

أما عبد الله الفركي فيرى أن إفلاس الشركات الصغيرة والصغيرة جدا على الخصوص ليس مرتبطا بالظروف الحالية، بل يرجع لأسباب أخرى بنيوية، فهي لا تستفيد من تمويل البنوك وليس لديها نصيب من الصفقات العمومية.

وأشار الفركي إلى أن قانون الصفقات الصادر سنة 2013 يعطي 20% من الصفقات العمومية للشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، غير أنه لا يطبق.

وأضاف أن المناطق الصناعية المجهزة تخصص أوعية عقارية تتجاوز ألف متر، وهي مواصفات تلبي حاجة الشركات الكبرى والمتوسطة ولا تراعي قدرات الشركات الصغيرة والصغيرة جدا التي لا تحتاج سوى ما بين 100 و200 متر فقط.

من جهته، يشير المحلل الاقتصادي بدر زاهر الأزرق إلى أن الشركات الناشئة -التي لا يتجاوز عمرها سنتين- تواجه صعوبات كبيرة في بداياتها وتكون نسبة الإفلاس مرتفعة جدا.

وعلى الرغم من تشجيع الحكومة على إنشاء الشركات الصغيرة والصغيرة جدا عبر برامج مختلفة فإن هذه البرامج -حسب الأزرق- تقتصر على توفير التمويل والإعفاءات الضريبية لمدة محددة، في حين لا توفر الدعم الحقيقي على المستوى القانوني والتسويق والبنية التحتية.

وأطلق ملك المغرب محمد السادس،سنة 2022, مبادرةً تهدف لضخ استثمارات إضافية بـ550 مليار درهم (50 مليار دولار) في الدولة خلال 5 سنوات بالتعاون بين الحكومة والقطاعين الخاص والمصرفي.

ويذكر أن الملك محمد السادس ،وفي خطابه عند افتتاح البرلمان في أكتوبر 2022,أشار إلى أن المبادرة تهدف لخلق 500 ألف فرصة عمل في الفترة بين 2022 و2026.

وتحاول المملكة زيادة الاستثمارات لدعم اقتصادها الذي شهد تباطؤاً حاداً في النمو خلال الربع الثاني من العام الجاري بعد أن بلغ 2%. فبعد أن أقرت ضخ استثمارات حكومية بـ22 مليار دولار في موازنة 2022 وهي الأعلى على الإطلاق،و خصصت 12 مليار درهم (نحو 1.1 مليار دولار) لدعم عدد من الشركات والمؤسسات العمومية التي تأثرت أوضاعها المالية بسبب التضخم.

وللاشارة،سجلت ميزانية المغرب عجزاً بقيمة 30.4 مليار درهم (تعادل نحو 3 مليارات دولار) بنهاية أغسطس 2022، مقابل 43.3 مليار درهم لنفس الفترة من العام 2021.

وبالعودة لهذه السنة والسنوات التي ستليها،أفادت المندوبية أن عدداً من العوامل الاقتصادية والمالية ستُضعف الاستثمار العام المقبل، منها التضخم، والركود العالمي المتوقع، وآثار تشديد السياسة النقدية التي من المرجح أن تدفع البنوك إلى تشديد شروطها لمنح التمويلات.

 أشار رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة عبد الله الفركي، إلى أن “التضخم وارتفاع أسعار المواد سيؤثران على الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأعوام المقبلة، في ظل غياب مواكبة من الحكومة التي اعتمدت تعديلات في مشروع موازنة 2023 من شأنها رفع الضريبة على الشركات للفترة القادمة”.

بحلول عام 2026، سترتفع ضريبة الشركات من 10% إلى 20% بالنسبة للتي تقل أرباحها السنوية عن 100 مليون درهم (تعادل 9.2 مليون دولار)، وإلى 35% للشركات التي تزيد أرباحها على 100 مليون درهم، مقابل 31% حالياً. في حين ستدفع البنوك وشركات التأمين ضريبة تبلغ 40% مقارنةً بـ37% حالياً.

يوسف كراوي فيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أوضح لصحيفة ـ”الشرق” في نوفمبر 2022، أن “عدداً من الشركات تعكس ارتفاع أسعار المواد الأولية على ثمن البيع، وهناك شركات أخرى لا تقوم بذلك وبالتالي تنخفض هوامش ربحها ولا تفكر في الاستثمار على المدى القريب والمتوسط”.

ويمثّل الاستثمار الخاص في المغرب نحو ثلث إجمالي الاستثمارات التي يتم ضخها في البلاد، واعتمدت الحكومة 2022 ميثاقاً يُتيح حوافز مالية وضريبية لمستثمري القطاع الخاص بهدف الوصول بنسبة استثماراتهم إلى الثلثين.

ومن أجل تحفيز الاستثمار الخاص، فعّل المغرب صندوق الاستثمار الاستراتيجي الذي استُحدث العام الماضي، وتلقّى مساهمة أولية قدرها 15 مليار درهم (حوالي 1.4 مليار دولار) من ميزانية الدولة، على أن يتمّ جمع تمويلات أخرى من جهات وطنية ودولية ليبلغ إجمالي موارده المستهدفة 4.5 مليار دولار لتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى في إطار شراكات مع القطاع الخاص.

“أليانز” نوّهت بأن الضغوط التضخمية، وتشديد السياسات النقدية من قِبل البنوك المركزية، واضطرابات سلاسل التوريد، ستؤدي لتأثير سلبي على التدفق النقدي للشركات، مُقدّرةً أن إفلاس الشركات على المستوى العالمي سيرتفع خلال العام الحالي بـ10%، وسيقفز 19% العام المقبل.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!