مجتمع

الثـــــروة الغابـــــــوية لشفشـــــــــاون تحتــــــــرق من جديد .. في ظل قطاع يسير بثلاثة رؤوس


محمد ايت موحتا
اندلاع الحريق الثالث بغابة المنتزه الوطني بوهاشم، يوم 14 شتنبر 2019 ، يدفعنا إلى طرح عدة تساؤلات عن الأسباب و المسببات ، و الجهة أو الجهات المسؤولة عن هذه الكارثة البيئية. و ما هي الإجراءات المتبعة لمكافحة الحرائق من طرف الإدارة الوصية و خصوصا المديرية الإقليمية لشفشاون التي أصبحت محطة أنظار الكثير من متتبعي الشأن الغابوي بالمغرب؟.

عرف شهر غشت من السنة الماضية أكبر عدد من الحرائق الغابوية بالجهة الشمالية الغربية (38 حريقا) تلاه شهر شتنبر (24 حريقا) ثم شهر يوليوز (23 حريقا ) وشهر اكتوبر 12 (حريقا) وحسب المديرية الجهوية للمياه و الغابات و محاربة التصحر لجهة الشمال، فان أكبر حريق عرفته غابات جهة طنجة-تطوان السنة المنصرمة والذي تسبب في إتلاف 67ر286 هكتارا ،تلاه حريق بغابة القصر الصغير (20ر104 هكتارات) ومنطقة تانسيفت (25ر76 هكتارا) وباب برد (74ر54 هكتارا) بإقليم شفشاون ومنطقة بليونش المحاذية لسبتة السليبة (61ر29 هكتارا) وتازروت (25 هكتارا). وتبقى شجرة الصنوبر هي الاكثر تضررا بفعل حرائق الغابات بجهة طنجة تطوان بنسبة 6ر50 بالمائة ،والأعشاب الثانوية 3ر19 بالمائة ،والبلوط الفليني 1ر19 بالمائة ،والبلوط من نوع كيركوسبرينايكا 4ر6 بالمائة و شجر الاوكاليبتوس 5ر2 بالمائة .
وأكد تقرير المديرية الجهوية للمندوبية السامية للمياه والغابات ومكافحة التصحر، أن من أسباب تفاقم الحرائق بجهة طنجةتطوان ،التي تغطي 42 بالمائة من مساحتها الإجمالية الغابات ومختلف أنواع النباتات ،الظروف المناخية الخاصة (ارتفاع درجة الحرارة والرياح القوية ) وصعوبة التضاريس وضعف المسالك الغابوية و الحالة المتدهورة للعديد من المسالك التي تصعب من عمليات الإطفاء وقلة الموارد البشرية وضعف مشاركة الساكنة المجاورة للغابات لمواجهة الحرائق والوقاية منها .
أما بخصوص صيف سنة 2019 ، فيمكن القول أن المنتزة الغابوي لبوهاشم هو اكبر متضرر أن لم نقل مستهدف من الحرائق، ترى ما هي أسباب هذه الرائق و من هي الجهات التي تتحل المسؤولية اتجاه كارثة الحرائق بمنتزه بوهاشم.
قبل كل أن نتطرق إلى مسؤولية اندلاع الحريق، لا بد من التعريف بالمنتزه الوطني بوهاشم.

المنتزه الوطني لبوهاشم:

يقع هذا المنتزه شمال المغرب، عند تقاطع ثلاث أقاليم وهي تطوان والعرائش وشفشاون. يعد بوهاشم منتزها إقليميا يغطي مساحة تبلغ 105470 هكتار، وتغطي الجماعات الترابية الستة الواقعة في محيط جبل بوهاشم وهي كالشكل التالي:

الجماعات الترابية الدردارة، تنقوب و تلمبوط بإقليم شفشاون بمساحة 44.720 هكتار . الجماعتان الترابية الواد وبني ليت بإقليم تطوان.

يعرف منتزه بوهاشم تساقط كميات وفيرة من الأمطار تصل إلى 2.000ميلمتر في السنة، مما يجعله من المناطق الأكثر خضرة بالمغرب. كما أن هذا المنتزه يتميز بشيوع مناخ متوسطي وبطوبوغرافية حادة وصعبة مثل الجبال التي يتراوح علوها مابين 1.603متر بالنسبة بجبل السكنى و1.685 متر لجبل بوهاشم. بل إن هذا المنتزه يستضيف تنوعا بيئيا مهما يتمثل في وجود فصائل متنوعة من الحيوانات وأنواع من النباتات خاصة بالريف الغربي.

يضم هذا المنتزه واحدة من التشكيلات الغابوية الأكثر جمالا في المغرب والتي تمتد على مساحة تقدر بحوالي 33،000 هكتار من الغابات. كما أنه يشمل موقعا ذي الفائدة البيولوجية والبيئية، ومنطقة ذات الفائدة الحيوية البيئية من الدرجة الأولى. إنها المنطقة الأكثر أهمية من حيث غنى الموارد الطبيعية بالمنتزه والتي تبلغ مساحتها حوالي 8.000 هكتار تغطي ثلاثة أقاليم، بما في ذلك إقليم شفشاون وإلى حد كبير يضم هذا المنتزه تراثا غابويا متنوعا يعكس التنوع البيئي لهذه المنطقة الجغرافية البيولوجية. ومن بين التشكيلات الحرجية المنتشرة في هذا المنتزه، يمكن ذكر الأنواع التالية: البلوط الاخضر؛ البلوط الفليني و الصنوبر ……….

أما حيوانات هذا المنتزه فتتألف من 34 نوعا من الثدييات، اثنتان منها انقرضت وهما الفهد والضبع. حاليا يوجد 11 نوعا نادرا أو مهددا بالانقراض بما في ذلك القرد زعطوط (أو قرد المغرب غير المذنب)، نقار الخشب. كما يتميز هذا المنتزه بغناه من حيث البرمائيات حيث نجد تسعة أنواع من إحدى عشر مغربية، وستة منها مستوطنة.

يتميز هذا الموقع ذي الفائدة البيولوجية والإيكولوجية بوحيش غني من حيث الأنواع، حيث نجد من بين 99 نوعا 33 منها متوطنة، وهذا يعني أنها نادرة أو مهددة بالانقراض، من بينها النسر الذهبي والحدأة الحمراء.

أما بالنسبة للزواحف التي تعيش دائما في نفس المنتزه، فمن الملاحظ أن 16 من 29 من هذه الأنواع فهي إما نادرة أو مهددة بالانقراض، مثل السلحفاة الإغريقية وحنيش الريف. بالإضافة إلى هذه البرمائيات التي تتمتع بمستويات عالية من التوطن، نجد إحدى عشر نوعا متوطنا مثل السمندل والضفدع.

تشكل قبيلة الأخماس الركيزة البشرية لهذا المجال لبوهاشم، على مستوى إقليم شفشاون. تعرف هذه القبيلة بتنوع تراثها الديني من زوايا وأضرحة لأولياء صالحين. كما تتميز أيضا بتراثها على مستوى الزي والخصوصيات اللغوية والأساليب المعمارية والمهارات والأدوات الزراعية. في حين يقع ضريح مولاي عبد السلام بالجماعة الترابية القروية تازروت (إقليم العرائش)، فهو يمثل قمة الولاية المحلية بل الوطنية أيضا، لأنه يستقبل وبشكل دوري موجات من الزوار من جميع أنحاء المغرب.

أسباب اندلاع الحرائق بمنتزه بوهاشم
يرجع سبب اندلاع الحرائق بالأساس إلى ثلاث عوامل اساسية هما:
عامل طبيعي
وعامل بشري
ومسؤلية القطأع الوصي
العامل الطبيعي يرجع الى ارتفاع درجة الحرارة خاصة خلال النصف الاخير من فصل الصيف بحيث تهب رياح الشرقي الحارة التي تسبب في اشتعال أوراق الأشجار الميتة وكذالك بقايا الربيع خاصة ان المنطقة تعرف تساقطات مطرية مهمة تتسبب في نبات بعض انواع الغطاء النباتي السريع الاشتعال مثل(الكلخ .والمليلس)
اما السبب البشري فينقسم الى قسمين سبب متعمد وسبب غير متعمد
السبب الغير المتعمد فيرجع الى عدم الوعي البشري وغياب اشاراة التحذير من اسباب اندلاع الحرائق بحيث نجد نسبة كبيرة من الحرائق يرجع اصلها الى اللامبالات المدخنين خاصة وان المنطقة تعرف شبكة طرقية كثيفة وجلها تمر وسط الغابات وكذلك صائدو العسل فهم يضرمون النار لتهيئة الدخان ويتركون الباقي دون إخماد جيد وكذلك زوار المنتجعات الصيفية ، خاصة وان المنطقة بها وديان ومنابع ومناظر خلابة بحيث يقومون بإشعال النار من اجل الطعام دون اخذ الاحتياطات الكافية.
اما السبب المتعمد فيرجع بالاساس الى بعض مزارعي القنب الهندي حيث يضرمون النار عمدا للحصول على مساحات اضافية لزراعة القنب الهندي وهذا السبب بدأ في التقلص بشكل كبير جدا نظرا للأبحاث القضائية التي فتحتها النيابة العامة في الموضوع ، و التي أطاحت بعدد كبير من الأشخاص،مما دفع بالاخرين للكف عن هذا التصرف نظرا للمخالفات الزجرية الكبيرة وسنوات السجن .

اما بالنسبة للقطاع الوصي، فحسب البعض يرى بان سبب تكاثر الحرائق بمنطقة بوهاشم يرجع إلى عدم قيام الجهات الساهرة على الغابات بتنقية جنبات الطريق من الاحراش الصغيرة لمسافة معينة تحددها إدارة المياه والغابات وعدم مراقبة حراس الغابة الموسمين او الدائمين لان اغلبهم يزاول عمل اخر ، رغم أن دفتر التحملات ،الذي يربط الإدارة مع شركات المناولة التي يعهد إليها مراقبة الحرائق ، يفرض عليها وضع حراس 24على 24 ساعة في عين المكان و التبليغ عن نشوب الحرائق في حينه .لكن ،حسب تصريح بعض سكان المنطقة ،اغلب الحرائق يتم التبليغ عنها من طرف المواطنون ن مما يؤدي إلى اندلاع الحرائق و عدم التحكم فيها في وقت وجيز، راجع إلى قلة الموارد البشرية لدى المديرية الإقليمية للمياه و الغابات بشفشاون، من حراس وسائقوا سيارات إخماد الحرائق . كما ان قلة مراكز مراقبة الحرائق ،وخصوصا بالغابات التي تفتقر لمسالك ووعورة التضاريس، تعتبر سببا رئيسيا في إعاقة التواصل و إيصال المعلومة إلى من له سلطة القرار من اجل تحريك فرق الانقاد و التدخل و مكافحة الحرائق.
يذكر أن المديرية الإقليمية للمياه و الغابات لشفشاون تفتقر إلى مشتل لإنتاج الشتائل من اجل تخليف الغابات التي أتلفت بفعل الحرائق المتتالية و التي تصل إلى ما يناهز 1000 هكتار كما هو الحال بالنسبة لسنة 2019.
وحسب مصدرنا فان إغلاق المشتل راجع إلى نزاع إداري، كبد الإدارة خسائر كبيرة بفعل الحكم النهائي الذي اصدر ضدها من اجل تعويض إحدى الشركات التي كانت تربطها مع الإدارة صفقة لإنتاج و تزويد الإدارة بالشتائل.
ويبقى السؤال المطروح من سيتحمل سوء تدبير قطاع المياه و الغابات في ظل تسييره بثلاث رؤوس؟.
في انتظار الجواب نطلب الله اللطف ، الوحيد القادر على حماية الغابة و إحيائها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!