أخبارإقتصاد

عشرات الآلاف من الأطباء المبتدئين في إضراب ببريطانيا

تأثير الإضراب سيمتد صداه لأشهر قادمة في قوائم الانتظار التي وصلت لنحو 8.3 ملايين مريض، في حين تصل مدة انتظار بعض التخصصات الطبية إلى 18 أسبوعا.

 

 

 

وكالات

– بدأ الأطباء المبتدئون في بريطانيا يوم الثلاثاء إضرابا لمدة أربعة أيام احتجاجا على رواتبهم من المرجح أن يتسبب في تعطيل غير مسبوق لخدمة الصحة الوطنية التي تمولها الدولة ، مما دفع الحكومة إلى التحذير من خطر حدوثه على سلامة المريض.

و يمثل الأطباء المتدربون (جونيور دكتورز) في المملكة المتحدة، نحو نصف الأطباء في المستشفيات وهم أطباء شباب تخرجوا للتو وصولا إلى أطباء لديهم خبرة ثماني سنوات.

سيضربون عن زيادات في الأجور تتماشى بشكل أفضل مع التضخم ، في إضراب أعقب إضراب الأطباء لمدة ثلاثة أيام الشهر الماضي .

وقال ستيفن بويس ، المدير الطبي الوطني في إنجلترا: “ستشهد هذه الجولة الأخيرة من الإضرابات مستويات لا مثيل لها من الاضطراب ، ونحن قلقون للغاية بشأن الشدة المحتملة للتأثير على المرضى والخدمات في جميع أنحاء البلاد”

وقال بويس لراديو بي بي سي: “لقد طلبنا أيضًا من (المستشفيات) إعادة جدولة الإجراءات والمرضى الخارجيين في أسرع وقت ممكن ، لكن هذا سيستغرق أسابيع للتعافي” ، مضيفًا أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية تعمل لضمان الحفاظ على خدمات الطوارئ سليمة.

وقال رئيس اتحاد NHS ، الذي يمثل المنظمات في جميع أنحاء قطاع الرعاية الصحية ، لشبكة سكاي نيوز إنه يتوقع إلغاء ما يصل إلى 350 ألف موعد خلال الإضراب الذي يستمر أربعة أيام.

وقال ماثيو تايلر مدير اتحاد NHS لمحطة “سكاي نيوز” الاثنين “سيكون لهذا الإضراب تأثير كارثي على قدرة NHS” على العمل بكامل طاقته.

وأضاف “لا ينفع أن نخفي أنه سيخلف مخاطر على المرضى” داعيا البريطانيين إلى الحذر “حاولوا أن تتجنبوا التصرفات الخطرة لأن NHS لن يكون قادرا على توفير العناية اللازمة”.

سيؤدي الإضراب إلى إلغاء عمليات الولادة القيصرية وزيادة أعداد المرضى المحتجزين، وتأخير في الجنازات حيث لن يتوافر أطباء لإصدار شهادات الوفاة، ويقدر رؤساء المستشفيات أنه من المحتمل إلغاء ما لا يقل عن 350 ألف عملية روتينية، كما صرح رئيس اتحاد NHS ، وتتوقع المستشفيات أن يتولى نصف عدد الاستشاريين تغطية عجز نوبات الأطباء المبتدئين، مما سيؤدي إلى تعطيل غير مسبوق في العيادات التخصصية.

الإضراب هو الأحدث الذي يشارك فيه موظفو NHS ، بعد إضراب الممرضات والمسعفين وغيرهم ممن يطالبون بزيادات تعكس بشكل أفضل التضخم السنوي الذي يتجاوز 10 ٪.

إضراب الشهر الماضي أدى إلى تأجيل 175 ألف موعد وعملية طبية في بريطانيا (رويترز)

يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه هيئة الخدمات الصحية الوطنية واحدة من أكثر الأزمات حدة في تاريخها الممتد 75 عامًا ، حيث تغمرها حوالي 7 ملايين مريض ينتظرون العلاج في المستشفى ، مما يؤثر بشدة على مجالات مثل رعاية القلب والأوعية الدموية .

وذكرت هيئة الخدمات الصحية الوطنية “إن إتش إس” (NHS) أن تأثير الإضراب سيمتد صداه لأشهر قادمة في قوائم الانتظار التي وصلت لنحو 8.3 ملايين مريض، في حين تصل مدة انتظار بعض التخصصات الطبية إلى 18 أسبوعا.

وسجلت “إن إتش إس” أسوأ مدة انتظار لمرضى الأزمة القلبية (وصلت لحوالي 90 دقيقة) بينما يفترض أن يكون متوسط انتظار مريض الجلطة والأزمة القلبية ببريطانيا 32 دقيقة، في حين وصلت مدة انتظار المرضى الذين لا يواجهون خطرا على الحياة 4 ساعات في غرف الطوارئء خلال أيام العمل المعتادة والتي لا تشهد أي إضرابات.

وجعل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك تقليص فترات الانتظار في المستشفى إحدى أولوياته الرئيسية وسط تآكل الرضا العام عن مؤسسة لطالما كانت مصدر فخر وطني.

وتريد النقابة الطبية البريطانية (BMA) ، وهي نقابة تمثل الأطباء ، زيادة في الأجور بنسبة 35٪ ، بحجة أن الأعضاء عانوا من خفض رواتبهم بنسبة 26٪ على مدار 15 عامًا.

وقالت نقابة الأطباء البريطانية إن الإضرابات التي قام بها صغار الأطباء ، وبعضهم من ذوي الخبرة ، يمكن أن تتوقف إذا قدم وزير الصحة ستيف باركلي عرضًا موثوقًا للأجور.

وكتبت الجزيرة أن رواتب الأطباء المبتدئين بالمملكة المتحدة  تبدأ  سنويا من 29 ألف جنيه إسترليني (حوالي 36 ألف دولار أميركي) مقارنة بنحو 41 ألف إسترليني لنظرائهم بالولايات المتحدة و60 ألفا في أستراليا.

وبحسب موقع “وايز” المالي، تحتاج أسرة مكونة من 4 أفراد إلى 38 ألف جنيه لتغطية تكاليف العيش المتوسط بالمملكة المتحدة، مما دفع الأطباء المبتدئين للموافقة بأغلبية 98% على الإضراب الذي نظمته الجمعية الطبية البريطانية “بي إم إيه” (BMA) الممثلة للأطباء.

وانضم الأطباء إلى مئات الآلاف من عمال القطاع العام الآخرين الذين أضربوا عن العمل في بريطانيا ، بمن فيهم موظفو السكك الحديدية والمدرسون وموظفو الخدمة المدنية.

ومن أجل تخفيف وطأة الإضراب على المرضى، تم نشر تحذير للمواطنين -أمس الاثنين- لتجنب زيارات المستشفيات والطوارئ غير الضرورية وتجنب زيارة الطوارئ، إلا في حالات الخطر على الحياة لتقليل الضغط على غرف الطوارئ.

وفي تسريبات نشرتها صحيفة “إندبندنت” (Independent) البريطانية، حذر قسم الصحة والرعاية المجتمعية التابع للحكومة “دي إتش إس سي” (DHSC) الأسبوع الماضي من انخفاض مستويات العمالة، وتأثير ذلك على خدمات الرعاية الحرجة لكل من البالغين والأطفال، حيث لن يتلقى المرضى الأدوية والتقييمات الدورية في مواعيدها المحددة، لا سيما مستشفيات الجنوب الغربي التي تشهد عجزا حادا في عدد الطواقم الطبية.

وفي هذا السياق، أوضحت لطيفة باتيل رئيسة القوى العاملة بالجمعية الطبية البريطانية (British Medical Association) أن المرضى يعانون من تجربة دون المستوى، بسبب هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تعاني من الإجهاد والنقص الحاد في المعدات وأعداد الطواقم الطبية، بشكل منفصل عن الإضراب.

وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت باتيل أنه خلال الإضراب السابق عملت الهيئة الوطنية للصحة، بالتعاون مع اتحادات الصحة في إنجلترا، على تقييم استعداد المستشفيات للإضراب المخطط له، وأوضحوا أن هناك نظاما متفقا عليه لضمان سلامة المرضى في حالة الظروف القصوى وغير المتوقعة.

وأردفت باتيل “التقينا 4 مرات يوميا خلال الإضرابات الأخيرة لمراقبة الوضع والتأكد من سلامة المرضى، لكن لم تكن هناك طلبات لاستثناء تدفع لدراسة وقف الإضراب، ولذلك سنقوم بتطبيق نفس الترتيبات التي أثبتت جدواها المرة الماضية”.

وأكدت أن الأطباء المبتدئين لا يرغبون في الإضراب، وأن تقاعس الحكومة طويل الأمد هو ما دفعهم للإضراب، مشيرة إلى رغبتهم في إنهاء هذا النزاع بأسرع وقت، وأن الجمعية تأمل أن يأتي وزير الصحة إلى الطاولة على الفور مع عرض واقعي حتى يتمكن الأطباء من تجنب المزيد من الإضراب والعودة إلى رعاية مرضاهم.

ومن جانبه،وصف وزير الصحة ستيف باركلي مطالب الأطباء المبتدئين بأنه غير واقعي، وأن هذه الإضرابات تم التخطيط لها لإحداث زعزعة في أمن واستقرار البلاد، بينما قدمت الحكومة مشروع قانون يتعلق بإجراءات عقابية للمضربين حال لم تلتزم المؤسسات التي تعمل في مجال الطوارىء بالحدود الدنيا لتشغيل القطاعات الطارئة.

وقال باركلي في بيان: “لن تهدد الإضرابات سلامة المرضى فحسب ، بل تم توقيتها لتعظيم الاضطراب بعد عطلة عيد الفصح”.

من جهتها، اعتبرت المؤسسات النقابية قانون الإضراب إهانة لحقوق الإنسان ببريطانيا، لكن هذه المعارضة لم تمنع البرلمان من المضي قدما بتفعيل القانون الذي وصل لمرحلته قبل الأخيرة قبيل الشروع في تنفيذه، مطالبين بضرورة التوازن بين حقوق العمال في الإضراب وقدرة المواطنين على الوصول للخدمات الحيوية.

للاشارة، قدمت الحكومة  في 16 مارس/آذار الماضي عرضا -بعد محادثات مطولة مع الاتحادات الصحية- شمل أكثر من مليون موظف من الطواقم الطبية العاملة بالهيئة الوطنية للصحة لتلقي 6% زيادة إضافية في الأجور.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال المسؤول الإعلامي بإدارة الاتصالات والسياسات بالجمعية الطبية البريطانية فريد ماينارد إن هذه المفاوضات لم تشمل الأطباء بالكلية كـ “مبتدئين وأخصائيين واستشاريين وممارسين عموم” وما قُدم كان عرضا لطواقم التمريض والإسعاف، ولم يتم تضمين الجمعية الطبية في أي مفاوضات جادة حتى اللحظة.

وحسب رويترز فقد تم حل الخلافات في بعض القطاعات في الأسابيع الأخيرة.

للإشارة (الدولار = 0.8052 جنيه)

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!