أخبارالتعليم العالي والبحث العلمي

فضيحة «ماستر» بأكادير تكشف شبكة فساد تهدد منظومة التعليم العالي بالمغرب

اعتقال أستاذ جامعي وتورط آخرين في تلاعب بشهادات الماستر وسط دعوات لإصلاح شامل ونزاهة الجامعة

في فضيحة مدوية تهز أركان التعليم العالي بالمغرب وعجت بها صفحات المواقع الاجتماعية ووسائل الإعلام والصحافة الإلكترونية،وفي تطور درامي للأحداث، قررت محكمة الاستئناف بمراكش إيداع أستاذ جامعي بكلية الحقوق بأكادير رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن الأوداية، على خلفية اتهامات خطيرة بالتلاعب في التسجيل بسلك الماستر وبيع الدبلومات الجامعية مقابل مبالغ مالية. هذه القضية التي كشفتها أبحاث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تفتح ملفاً ساخناً يعكس عمق الأزمة التي تعصف بمنظومة التعليم العالي بالمغرب.
الأستاذ المعتقل، الذي يشغل أيضاً منصب منسق إقليمي لأحد أحزاب الأغلبية، وُجهت له تهم ثقيلة تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ، بعدما تبين تورطه في شبكة معقدة تضم مسؤولين قضائيين ومحامين، متورطين في تسهيل عمليات تزوير الشهادات .
هذه الفضيحة ليست مجرد حادثة فردية، بل حلقة جديدة في مسلسل تآكل ثقة المغاربة في منظومة التعليم العالي، التي تحولت من فضاء للعلم والمعرفة إلى سوق سوداء للابتزاز والفساد. ويُذكر أن الأستاذ الجامعي المعتقل سبق أن كان موضوع شكاية من رئيسة شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بأكادير، تتهمه بتجاوز حدود اللياقة والاحترام خلال اجتماع إداري رسمي، ما يعكس نمطاً متكرراً من السلوكيات المشبوهة التي تحيط به.
في هذا السياق، تأتي تدوينة ذ. نجيب أضاضي، الفاعل المدني الباحث والمدون،لتسلط الضوء على أبعاد هذه الأزمة، مؤكداً أن القضية ليست مجرد فضيحة معزولة، بل نتاج تراكمات طويلة من الفساد واستغلال النفوذ داخل الجامعة. ويشير أضاضي إلى أن تورط أستاذ جامعي يحمل مسؤولية سياسية، إلى جانب مسؤولين قضائيين ومحامين، يكشف عن شبكة متداخلة من المصالح الشخصية التي تحولت إلى آفة تهدد جوهر المؤسسة الجامعية، وتحولها إلى سوق سوداء للشهادات. كما يبرز أن هذه الفضيحة تعكس أزمة ثقة عميقة بين المجتمع والجامعة، التي يفترض أن تكون منارة للعلم والمعرفة، لا مرتعاً للابتزاز والرشوة.
ويحذر أضاضي من أن استمرار هذه الممارسات يهدد مستقبل الأجيال القادمة، ويُضعف من قيمة الشهادات الجامعية المغربية على المستويين الوطني والدولي، مما يستدعي تدخلات جذرية لإصلاح منظومة التعليم العالي عبر تعزيز الشفافية، ومحاسبة جميع المتورطين بلا استثناء، وتفعيل آليات الرقابة الداخلية والخارجية. كما يدعو إلى استنهاض الوعي الجماعي وتحريك المجتمع المدني والهيئات الأكاديمية للضغط من أجل إصلاح حقيقي يضمن استقلالية الجامعة ونزاهتها، ويعيد لها مكانتها الحقيقية كمؤسسة تعليمية رائدة.
التحقيقات القضائية مستمرة تحت إشراف قاضي التحقيق المختص بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، وسط متابعة حثيثة للكشف عن جميع خيوط هذه الشبكة المشبوهة التي تسربت إلى قلب الجامعة المغربية. الإجراءات الاحترازية تشمل منع المتهمين من السفر وسحب وثائقهم، في إطار سعي النيابة العامة إلى استعادة ثقة المواطنين في منظومة التعليم العالي.
هذه القضية تضع الجميع أمام مسؤولية تاريخية لإعادة بناء ثقة المغاربة في جامعاتهم، وإعادة الجامعة إلى مكانتها الحقيقية كمنارة للعلم والمعرفة، لا سوقاً للفساد والابتزاز. إنها اختبار حقيقي لقدرة المغرب على مواجهة تحديات الفساد في مؤسساته الحيوية، وضمان مستقبل تعليمي يليق بطموحات الشباب المغربي.

وكالات ومواقع إعلامية

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!