أخبار

العدوان الاسرائيلي على غزة واتفاقية جنيف

عبد الواحد بلقصري 

باحث في علم الاجتماع السياسي 

يقول العالم الفيزيائي البرت اينشتاين” العالم مكان خطر، ليس بسبب من يفعلون الشر بل بسبب من ينظرون ولا يحركون ساكنا ” .

قامت العلاقات فيما بين الأفراد والجماعات في العصور القديمة على

أساس اللجوء للقوة، فوجود الحق والحصول عليه وحمايته متروكاً لتقدير الشخص

وقوته، فقد كان المبدأ أن القوة تنشئ الحق وتحميه، وقد سادت هذه الظاهرة العصر

الحجري الذي تميز باعتماد الإنسان فيه على الصيد والقنص، فقد لجأ لاستخدام القوة وذلك باعتبارها الوسيلة الأولى لحسم النزاع والرد

على أي اعتداء وحماية الحقوق، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب التي تتمثل

في :*1*

عدم وجود سلطة أعلى من سلطة رؤساء الجماعات، بحيث يتم اللجوء إليها

لحل النزاع .

عدم سهولة إقناع المتنازعين بقبول الاحتكام إلى طرف ثالث 

إن الالتجاء إلى القوة مثل اتفاقاً مع عقلية الأفراد والمستوى الأخلاقي لديهم، فقد ترتب على حياة العزلة والاستقلال التي عاشتها كل جماعة إلى نظرة كل جماعة إلى الأخرى نظرة عداء، لذا كان من الطبيعي أن يتم اللجوء إلى استخدام القوة*2*. 

وقد شهد التاريخ الإنساني العديد من الفترات المتباينة بين التخلف والتحضر،

بين الحرب والسلام، وقد عدت المنازعات صفة اجتماعية متلازمة مع التاريخ

الإنساني وقد لازمت هذه الصفة الإنسانية منذ القدم، إذ تشير الإحصاءات إلى قيام

14000أربعة عشر ألف حرٍب خلال 500خمسمائة سنة من التاريخ، مما رتب

العديد من الخسائر المتمثلة في قتل حوالي 5مليارات من الأفراد، كما لم ينعم

العالم سوى بـ 250عاماً من السلام خلال الـ 3400سنة الأخيرة، هذا بالإضافة إلى كونها صفة سياسية حال كون المنازعات بين الدول.*3*

و تعتبر اتفاقية جنيف وبروتوكولاتها الإضافية مصدرا أساسيا للقانون الدولي الإنساني الذي ينظم السلوك أثناء النزاعات المسلحة ويسعى إلى الحد من تأثيراتها عبر حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية (المدنيون وعمال الصحة وعمال الإغاثة …) والأشخاص الذين توقفو عن المشاركة في الأعمال العدائية من قبيل الجرحى والمرضى والجنود الناجين في السفن الغارقة وأسرى الحرب ،هاته الاتفاقية تمثل النسخة المنفتحة الرابعة لاتفاقية جنيف بشان الجرحى والمرضى وتعقب الاتفاقيات التي تـــــــــــــــــم*4* إعتمادها في سنة 1984 ،1990،1989) وتضم 64 مادة ولا تقتصر على حماية الجرحى والمرضى ،بل أيضا موظفي الصحة والوحدات الطبية والدينية ،وتتناول اتفاقية جنيف حقوق الجرحى والمرضى والأسرى والمدنيين غير المشتركين في الحرب، بينما تتناول اتفاقية لاهاي استخدام الأسلحة وجرائم الحرب،وقد تم التوقيع على هاته الاتفاقية في سنة 1949 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية من قبل 12 دولة ومملكة، قبل أن تنضم إليه الدول الأخرى، بما في ذلك الدول العربية،وجميع الدول الموقعة على الاتفاقية ملزمة بتطبيق بنوذها خلال الحروب، وملزمة بمحاكمة الأشخاص المتهمين بجرائم حرب بغض النظر عن جنسيتهم او الدولة التي ارتكبوا فيها جرائمهم.

ومن شأن هذه الاتفاقية ان تسمح لمنظمة الإغاثة بالعمل بحرية أثناء الحرب كطرف محايد دون ان تُستهدف من القوى المحاربة، وأن تكون هناك قوة حماية ليست جزءًا من المعركة تضمن عدم انتهاك أحكام الاتفاقية.

والانتهاكات التي يمكن ان تحدث في الحرب هي التجارب البيولوجية على البشر والترحيل غير القانوني والحبس دون وجه حق والدمار الشامل غير الضروري والاستحواذ على الممتلكات.

ونفس الامر يجمع عليه فقهاء القانون الدولي الإنساني الذين يؤكدون أن مصدر هذا القانون هو أخلاقيات الحروب المنصوص عليها في الحضارات القديمة والشرائع الدينية المختلفة .

وقد عرف القانون الدولي الإنساني بأنه “المبادئ التي جرى الاتفاق عليها دولياً بغية الحد من اللجوء إلى العنف واستخدامه خلال النزاعات المسلحة، وذلك بواسطة حماية الأفراد المشتركين في العمليات العسكرية، والذين توقفوا عنها، باإلضافة إلى الجرحى والمرضى والمصابين، بحيث يقتصر توجيه القوة والعنف على الاعمال الضرورية لتحقيق الاهداف العسكرية”.

وتعتبر اتفاقيات جنيف الأولى إحدى أهم المصادر الأساسية للقانون الدولي الإنساني حيث انه بالإضافة الى الاحكام العامة تتضمن الاتفاقية تسعة فصول .*5*

الفصل الأول يتضمن 11 مادة ويتحدث عن طبيعة الاطراف المتعاقدة والزامية احترام الاتفاقية والأفعال المحظورة ،أما الفصل الثاني فيتكون من من سبعة مواد تشير بلغة صريحة إلى كيفية حماية الجرحى والمرضى سواء كانو من القوات المسلحة المتنازعة أو أشخاص اخرين ،أما الفصل الثالث فإنه يشير في مواده الخمسة إلى كيفية حماية الوحدات والمنشات الطبية، ونفس الأمر يوضحه الفصل الرابع في بنوذه التسعة الذي يؤكد بلغة صريحة الى كيفية حماية الافراد الموظفون في الخدمات الطبية المشتغلين بصفة كلية في البحث عن المرضى والجرحى ،ونفس الأمر يؤكده الفصل الخامس الذي يتحدث إلى حماية المباني والمنشات الطبية التابعة للقوات المسلحة والخاضعة لقوانين الحرب وعدم تدمير المخازن والمهمات الطبية المتنقلة ،اما الفصول السادس والسابع والثامن والتاسع فتتحدث عن كيفية تنفيذ الاتفاقية من خلال 27 مادة ،دون أن ننسى أن الاتفاقية تتضمن ملحقين ،ملحق خاص بمشروع اول اتفاق بشان المناطق ومواقع الاستشفاء وملحق خاص ببطاقة تحقيق الهوية لأفراد الخدمات الطبية والدينية .*6*

انطلاقا مما سبق ومن خلال تبيان مختلف بنوذ هاته الاتفاقية ومدى مطابقتها مع الحرب الهمجية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة تتبين لنما الملاحظات التالية :

الملاحظة الأولى : ان اسرائيل تدوس كل بنوذ هاته الاتقاقية و بالتالي فإنها تعتبر أن القانون الدولي الإنساني الذي جاء نتيجة تراكمات ونضالات وتضحيات المجتمع الدولي وذلك من أجل تنظيم قوانين الحرب وتخليقها ،وتجاوز الاحتلال الاسرائيلي يجعلنا أمام إشكالية كبرى ما الجدوى من القرارات الأممية التي تنبثق من القانون الدولي الإنساني والشرعية الدولية لهاته القرارات .

الملاحظة الثانية : أن اتفاقية جنيف في أغلب مضامين بنوذها تنص على حماية الجرحى والمرضى والمنشات الصحية والوحدات الطبية المتنقلة ،حيث تعتبر ان هاته الأفعال محظورة وممنوعة احتراما لإنسانية الانسان أثناء النزاع المسلح ،لكن الاحتلال الصهيوني يفعل العكس بالرغم مع أن هاته الحرب هي حرب عدوانية غير متكافئة من طرف دولة محتلة وشعب أعزل يقاوم أبشع ممارسات التهجير والاستيطان والاستبعاد والتقتيل اليومي للاطفال والنساء.

الملاحظة الثالثة : أنه بالرغم من كل هاته القوانين بالإضافة الى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وبروتوكولاتها، نجد أن الدول العظمى التي دائما ما تستدل في مداخلاتها وتدخلاتها وفي ممارساتها الدولية بهاته القوانين لكننا نجد انها تدعم هذا الاحتلال وهاته الحرب القذرة وتمنع حتى إدانتها ،وهو يسائل ضميرصانعي القرار السياسي في هذا العالم المعولم الذي يكيل بمكيالين ويمارسه الشلرعية الدولية بمنطق الهيمنة والعجرفة والجبروت ويتحدى الراي العام العالمي الذي أضحى يدفع عن القيم الانسانية وعن الهويةالوجودية للإنسان الفلسطيني ويناهض كل أشكال الهيمنة والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي . 

الملاحظة الرابعة :أن الاحتلال الاسرائيلي يتحدون القوانين الدولية و يرتكبون جرائم حرب اسرائيل يومية اتجاه الشعب الفلسطيني الابي ومن الواجب تدخل المجتمع الدولي وصانعي قراراته أمام المحكمة الجنائية الدولية على الأقل احتراما لقيم المواطنة العالمية .  

المراجع والهوامش :

 للمزيد من المعلومات انظر مدخل مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني “دراسة تاريخية مقارنة فى حقوق األسير فى التتنظيم الدولى والداخلى الدكتور أحمد على ديهوم كلية الحقوق- جامعة عين شمس 

 نفسه 

 نفسه 

 نفسه 

 للمزيد من المعلومات انظر set web https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/geneva-convention-relative-protection-civilian-persons-time-war

الخاص بالامم المتحدة 

 نفسه

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!