فن وثقافة

صراع الكرامة

حكيم سعودي

من شدة غضب عماد، دفع فريدة بعنف حتى ارتطمت ساقاها بالفراش خلفها، فسقطت جالسة عليه من شدة الألم. بصوت مليء بالاشمئزاز، قال:
“كذابة… حقيرة… لكن كفى، لم يعد يهمني حتى أن أعاقبك… أنتِ تبحثين عن القسيمة وستحصلين عليها… فريدة أنتِ…”

صرخت ومنعته من إكمال ما كان سيقوله. “كفى… كفى، حرام عليك… أنا لم افهم أي حاجة… أنا أعترف بأني أخطأت في حقك كثيراً، وسأعيش على أمل أن تسامحني في يوم من الأيام، لكنك تتهمني بأمور فظيعة…”

كرر باستنكار، “أسامحك… أسامحك؟ لا يا فريدة، أنا آسف، لا يمكنني أن أسامحك… تعرفين لماذا؟” هزت رأسها بالنفي، ودموعها تتطاير مع كل هزة.

“لماذا؟” أجابته بصوت يقطر بالمرارة. “لأنني كنت أحبك بطريقة لا توصف، على نفس مستوى حبي لك كان كرهي لك… تصدقين، ستعرفين ذلك…”

بكت بصمت، إنها السبب في تحوله من محب حنون إلى أكبر عدو مليء بالمرارة. نظر إليها بسخرية وقال، “زمان كانت الدموع غالية عندك ، لكن لاحظت أنك الآن تستخدمينها بوفرة… ربما دموع التماسيح؟” أجابته ببكاء، “ربما دموع الندم…”

تنهدت بحسرة وقالت، “الندم؟ هل تعرف شعور الندم؟” لم يستمع لها أبداً، إنها لا تجني سوى إذلال نفسها، لقد خسرته منذ زمن، والكلام لن يفيدها بشيء. اكتفت من خفض رأسها أرضًا. لديها كبرياؤها، ويكفي أنها حاولت، لكن القدر له تدابيره الخاصة.

“أنا لم أفهم حقًا، ماذا تريد أن تقول؟” حاولت أن تفهم وفشلت. “أنا كنت غبية في الماضي، ولكن أنت الآن أغبى مني… أغلق عقلك وقلبك ولا تستمع إلا لصوتك… ارجع إلى بلد الغربة وعش حياتك وتزوج وكأنه لم تكن هناك سنوات…”

استسلمت الآن، قررت الانسحاب من حياته، ستطلب الطلاق رسميًا وستسافر لأبعد مكان، حيث لن يتعرف عليها أحد. ربما هناك ستجمع الباقي من كرامتها وتعيش بسلام. تجاوزته في طريقها للخروج من الغرفة، من منزل جدتها، من كل عالمها القديم. لكنها ما أن مرت بجواره حتى جذبها من ذراعها بعنف، أوقف تقدمها، ثم ألقاها على الفراش بحركة حطمت كل عظامها.

“أتريدين الطلاق لتتزوجي عماد؟” هددها بعنف، وهي تجيب بألم، “وأنت ماذا لك؟ أنا حرة في حياتي…”

“لا، لن أطلقك، وستتزوجين عمر، وسأعيش حياتي، وأنتِ ستظلين معلقة كذلك للأبد… أتريدين الطلاق لتتزوجي العريس الشريف؟ الا ترين أنه مناسب؟” يظلمها مجددًا، “الرجال عندك وسيلة لتحقيق أحلامك، أليس كذلك؟ لكن لا، سأوقفك عند حدك… أنتِ تحتاجين لتتربي من جديد وسأقوم بذلك…”

تحت رهبة هذه التهديدات القاسية، بدت وجهة زواجها المستقبلية مشؤومة ومظلمة. لم تستطع فريدة إلا أن تنظر إلى عينيه بلا قوة أو رغبة في المقاومة، فهو يمثل السلطة والقوة الكاملة في علاقتهما.

لكن قبل أن تستسلم تمامًا لهيبة سطوته، تمكنت فريدة من جمع بعض الشجاعة من أعماقها. بدأت تلتمس خيوط الأمل في زاوية داخلها، تذكرت ذلك الشعور القوي بالكبرياء الذي كانت تتمتع به في الماضي. هي لا تستحق أن تكون مجرد أداة لتحقيق طموحات شخص أخر، هي تستحق الحرية والسعادة التي فقدها في طريق الخضوع والاستسلام.

في لحظة من القرار الثابت، نظرت فريدة إلى زوجها بعيون مليئة بالإصرار والعزم. “لا، لن أقبل بذلك”، همست بصوتٍ هزيلٍ ولكنها ثابت. “لن تجبرني على العيش في ظل طاعتك وسطوتك، أنا أكثر من ذلك، أستحق السعادة والحرية.”

اندهش عماد لهذا الرد الجريء، لكنه لم يظهر أي علامة من الاستسلام. بدلاً من ذلك، زادت عندها حدة الغضب والانفعال. “هل تظنين أنك ستفلتين بهذه الطريقة؟”، صاح بصوت مليء بالاستياء.

لم تتراجع ، بل استمرت في الوقوف بثبات أمامه. “نعم، أنا سأفعل ما أريد، ولن أسمح لك بتحكم في حياتي بشكل مطلق. إذا كنت تعتقد أنني سأظل هنا عالقة بين جدران طاعتك، فأنت مخطئ تمامًا.”

بينما كانا يتبادلان الكلمات الحادة والنظرات الحادة، انطفأت غرفة الحديث بينهما وسطى السكون الكئيب.

في لحظة من الصمت المتوتر، ازدادت توترات الغضب بينهما، كل واحد منهما يتمسك بقناعاته ومبادئه بقوة. لم تكن فريدة على استعداد للتنازل عن كرامتها وحريتها مقابل أي تهديد، بينما لم يكن عماد مستعدًا لترك سيطرته وسطوته تنهار أمام إرادة زوجته.

بعد لحظات من الصمت المقيت، شعرت فريدة بحركة اندفاعية تجاهها من عماد، وقبل أن تتمكن من رد الفعل، جذبها من ذراعها بعنف وألقاها بحدة على الفراش، مسببا لها ألمًا حادًا.

وقفت مذهولة ومصدومة، تحاول تجاوز الصدمة لتفهم ما حدث، في حين كانت تنفذ دموع الألم من عينيها المذهولة. “لماذا؟”، همست بهمس مكسور، وهي تحاول إخفاء الألم والصدمة في صوتها.

عماد نظر إليها بعينين مليئتين بالغضب والسخط، وقال بصوت هاجم، “أنتِ لستِ سوى أداة بيدي لتحقيق رغباتي، ولا يجب أن تنسى ذلك. سأجعلك تعرفين مكانتك الحقيقية ودورك في حياتي.”

بينما كانت تحاول تصديق ما حدث، انقلبت حياتها رأسًا على عقب. وسط الألم واليأس، تجاهلت كلمات عماد القاسية وأصرت على أنها لن تستسلم، بل ستقف بكل قوة من أجل استعادة حريتها وكرامتها، حتى لو كان ذلك يعني المواجهة المباشرة مع زوجها السيطرة.

بينما تتوالى المشاهد في هذا الصراع العنيف بين الزوجين ، تبدو الأمور وكأنها في طريقها للتصاعد إلى مستويات أعلى من التوتر والصراع. فريدة، الشابة الشجاعة التي تتحدى الظروف بكل قوة، تقف صامدة ومصممة على استعادة حريتها وكرامتها، بينما عماد، الرجل الذي يسعى للسيطرة والسيادة، يتصرف بعنف وقسوة في محاولة لتحقيق مآربه الشخصية.

في هذا الصراع المتشابك بين الإرادة والمبادئ، تنمو الشخصيات وتتطور، مع كل منهما يكتشف جوانب جديدة من نفسه، ويتعلم دروساً قاسية في الحياة والعلاقات الإنسانية. بينما تستمر الأحداث في التصاعد، تتجه القصة نحو مفترق طرق حاسم، حيث يجب على كل من فريدة وعماد اتخاذ قرارات صعبة تحدد مسار مستقبلهما.

فيما يبدو، يتساءل القارئ عما ستكون نهاية هذا الصراع الشديد، هل ستنتصر العزيمة والإرادة القوية لفريدة، أم سيظل عماد يمارس سيطرته ويستمر في قمعها؟ وماذا سيكون مصير هذه العلاقة الملتهبة بينهما؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!