أخبار

**مدينة الكارة بين ذكريات الطفولة وتحديات الحاضر**

حكيم سعودي

“عندما قررت اليوم زيارة مدينة الكارة، لم أكن أتوقع أن أجد نفسي محاطًا بتباين كبير بين الأماكن التي زرتها. حيث بدأت رحلتي بزيارة دار الشباب وجردة القائد، حيث عاشت ذكريات طفولتي البريئة. وقد كانت هذه الأماكن تمثل لي أماكن اللعب والتسلية، حيث كنت ألتقي بأصدقائي وأمضي أوقاتًا ممتعة.

ومع حلول وقت صلاة العيد، اتجهت إلى المصلى لأداء الصلاة، وهنا كانت المفاجأة الكبرى. فالمصلى لم يكن مجرد مكان لأداء العبادات، بل كان مركزًا للخشوع والهدوء والصمت، حيث اجتمع الناس بروح من التقوى والتأمل. و كانت الخطبة تمتزج بالهدوء والتأمل، و الكل يشعر بالسلام والراحة داخل هذا الفضاء الروحاني لأداء صلاة العيد .

لكن الصورة تغيرت تمامًا حينما دخلت المقهى في المساء.حيث كان الشباب يتجمعون هناك بأعداد كبيرة، ولكن الأجواء كانت عكس تلك التي شهدتها في المصلى أو الشارع .لقد كان الضجيج يملأ المكان، وكانوا يدخنون السجائر ويتعاطون المخدرات بكل أنواعها، دون أن يكترثوا لأي شيء آخر، و بعضهم يستعمل السبسي و الشقف ليدخن الكيف .

إن ما شاهدته في المقهى ينطوي على مشكلة كبيرة تستدعي التفكير والتدخل الفوري. فهل العيب في الأسر التي لم تعتن بتربية أبنائها بشكل صحيح؟ أم في المدارس التي لم تلعب دورها بشكل جيد في توجيه الشباب؟ أم في الفراغ الذي يملأ أوقاتهم ويدفعهم نحو التصرفات السلبية؟ ام في قلة المرافق أو عدم وجودها.

بينما أتأمل في هذه التساؤلات، أدرك أن هذه المشكلة تتطلب حلا شاملا يشمل الأسر والمدارس والمجتمع بأسره. لذا يجب علينا أن نعمل على توعية الشباب بمخاطر التدخين وتعاطي المخدرات، وتوفير بدائل ترفيهية صحية لهم تشغل وقتهم وتنمي مهاراتهم.

إن ما شاهدته اليوم في مدينة الكارة يعكس حاجة ملحة للتحرك الفوري لمواجهة تلك المشكلة الخطيرة وإيجاد حلول فعالة تحمي شبابنا وتحافظ على مستقبلهم.”

بعد تجوالي في مدينة الكارة، والتأمل في الأوضاع المختلفة التي شاهدتها، يصبح من الواضح أن هناك حاجة ماسة إلى التفكير في السبل التي يمكن من خلالها مواجهة التحديات التي تواجه الشباب في المجتمع. لقد كانت تلك الزيارة تجربة مثيرة ومفيدة في الوقت نفسه، حيث فتحت عيني على واقع قد لا أكون قد انتبهت له من قبل.

إن التباين الكبير بين المصلى والمقهى يعكس تحدياتنا كمجتمع، ويشير إلى الحاجة الماسة إلى توجيه الشباب وتوفير بيئة صحية وآمنة لتطويرهم وتعلمهم. إن مواجهة التحديات التي يواجهها الشباب تتطلب تضافر جهود مختلف الجهات في المجتمع، بما في ذلك الأسر والمدارس والمؤسسات الحكومية والمجتمع المدني.

على الرغم من أن المشكلات قد تكون معقدة، إلا أن البداية تكمن الوعي والتوعية بأهمية توجيه الشباب وتوفير الدعم والمساندة لهم. يجب علينا كذلك أن نعمل معًا كمجتمع واحد لتحقيق هذا الهدف، وتوفير بيئة تعليمية وتربوية تعزز من قيم الانضباط والمسؤولية والاحترام.

إن مستقبلنا يعتمد على كيفية مواجهتنا لتحديات اليوم وتحضير الأجيال الصاعدة للتعامل مع التحديات المستقبلية. إن استثمارنا في شبابنا هو استثمار في مستقبلنا، وعلى كل فرد في المجتمع أن يلعب دوره في بناء مجتمع أفضل وأكثر استقرارًا وازدهارًا للجميع.

في ختام الرحلة التي قمت بها في مدينة الكارة، يظهر لي بوضوح أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الشباب في المجتمع، وأن الحاجة إلى التدخل والتفكير بجدية في حل هذه التحديات لا تزال ملحة وضرورية. إن الفجوة الكبيرة بين المصلى الذي يمثل مكانًا للخشوع والصمت والتأمل، وبين المقهى الذي يعكس واقعًا مختلفًا تمامًا، تشير إلى أهمية العمل على توجيه الشباب وتوفير بيئة صحية ومشجعة لتطويرهم.

لذا، فإن المسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا كأفراد وكمجتمع، للعمل على مواجهة هذه التحديات وتوفير الدعم والمساندة للشباب. إن تأمين مستقبلهم وتهيئة الظروف المناسبة لنموهم وتطورهم يعد من أولوياتنا الرئيسية، فهم عماد المستقبل والأمل في بناء مجتمع مزدهر ومتقدم.

لنتحد جميعًا في تقديم الدعم والمساندة للشباب، ولنعمل معًا على خلق بيئة تربوية وتعليمية تعزز من قيم الانضباط والمسؤولية والاحترام. إنها مسؤوليتنا جميعًا أن نعمل على بناء مجتمع أفضل وأكثر استقرارًا، حيث يتمتع الشباب بفرص متساوية لتحقيق طموحاتهم وتحقيق أحلامهم.

فلنبدأ اليوم في بذل الجهود المشتركة، ولنعمل على توجيه الشباب نحو طريق النجاح والتفوق، ولنكن داعمين لهم في رحلتهم نحو بناء مستقبلهم ومستقبل المجتمع بأسره. إنها رسالة التضامن والتعاون التي يحتاجها مجتمعنا في هذا الزمان، لنصنع مستقبلًا أفضل للجميع.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!