أخبار

الذكرى75للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحرب غزة

عبد الواحد بلقصري

باحث في علم الاجتماع السياسي 

يقول الامين العام للأمم المتحدة في حديثه عن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان “يَهدي الإعلان العالمي إلى السبيل لإعلاء القيم والنُّهُج المشتركة التي يمكن أن تساعد في معالجة التوترات وإحلال الأمن والاستقرار اللذين يتوق إليهما عالمنا.” .

يحتفل العالم سنويًا بيوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر، هذا اليوم الذي اعتمدَت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948،ويتألّف الإعلان من ديباجة و30 مادة تحدد مجموعة واسعة من حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يحق لنا جميعنا أن نتمتّع بها أينما وجدنا في العالم، ويضمن الإعلان حقوقنا بدون أيّ تمييز على أساس الجنسية أو مكان الإقامة أو الجنس أو الأصل القومي أو العرقي أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر، وقد صاغ الإعلان ممثّلون عن المناطق والتقاليد القانونية كافة. وعلى مرّ السنين، تم قبوله كعقد مُبرَم بين الحكومات وشعوبها، وقبلت به جميع الدول تقريبًا، ومنذ ذلك الحين ، شكّل الأساسَ لنظام موسع يهدف إلى حماية حقوق الإنسان، وهو يركز اليوم أيضًا على الفئات الضعيفة مثل الأشخاص ذوي الإعاقة والشعوب الأصلية والمهاجرين. ويُعد الإعلان — المُتاح بما يزيد عن 500 لغة — الوثيقة الأوسع ترجمة في العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 ألف بوصفه أنه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم، ويشدّد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ديباجته على الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.

 ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس الإعلان العالمي لحقوق الإنسانOpens in new window بأنه “بمثابة خارطة طريق تهدي إلى السبيل لإنهاء الحروب ورأب الانقسامات وتعزيز العيش في سلام وكرامة للجميع”.

ولكن السيد غوتيريش نبه إلى أن “العالم يكاد يضلّ الطريق إلى تحقيق هذه الغاية، فالنزاعات تستمر، والفقر والجوع يتزايدان، وأوجه التفاوت تزداد عُمْقا، وأزمة المناخ تشكل أزمة حقوق إنسان تلحق أشد أضرارها بأضعف فئات البشر، والحكم السلطوي في صعود، والفضاء المدني يتقلّص ووسائل الإعلام تتعرض للهجوم من كل ناحية”

كما أشار إلى أن المساواة بين الجنسين ما زالت حلما بعيد المنال، والحقوق الإنجابية التي حصلت عليها المرأة تُسلب منها من جديد، حسبما قال.

وأكد بلغة صريحة أن من المهم اليوم أكثر من أي وقت مضى تعزيز واحترام جميع حقوق الإنسان، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمدنية والسياسية، التي هي حقوق تكفل الحماية لنا جميعا،وتعمل الأمم المتحدة على تعزيز احترام القانون وحماية حقوق الإنسان، وذلك بطرق عديدة ومختلفة ،وتوجد 10 هيئات منشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، وهي لجان مؤلفة من خبراء مستقلين تعمل على رصد تنفيذ الاتفاقيات الدولية الأساسية المعنية بحقوق الإنسان، بما فيها اتفاقية حقوق الطفل.

ويشرف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إجراء الاستعراض الدوري الشامل، وهو استعراض لسجل الدول الأعضاء في مجال حقوق الإنسان. وتوفر هذه العملية التي تقودها الدول فرصة لكل دولة للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلدانها وللوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.

ويتبع للأمم المتحدة أيضاً مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وتتمثل ولايتها في تعزيز الإعمال الكامل لحقوق الإنسان لجميع الناس، وحماية هذه الحقوق والتمتع بها.

وبوسع الأمم المتحدة أيضاً أن تعيّن خبراء (يُطلق عليهم أحيانا اسم المقررين الخاصين، أو ممثلين أو خبراء مستقلين) للتعامل مع قضية محددة في مجال حقوق الإنسان أو مع بلد محدد. ويمكن لهؤلاء الخبراء إجراء دراسات، وزيارة بلدان محددة، ومقابلة الضحايا، وإطلاق مناشدات محددة، أو تقديم تقارير وتوصيات.

انطلاقا مما سبق نستنتج أن العالم اليوم بالرغم أنه مر بأزمات عالمية كالحربين العالمية الأولى والثانية والأزمات المالية والحرب الباردة والصراع بين الشمال والجنوب والعديد من الصراعات الإقليمية ،كل هذا أثر بشكل كبير على حقوق الإنسان ،وساهمت هاته الأزمات في حدوث كوارث إنسانية كان لها اثارا اجتماعية وخيمة على الإنسانية جمعاء دون أن ننسى الكوارث الطبيعية الذي شهدها في القرن الماضي ولاجئي البيئة التي جائت نتيجة التغيرات المناخية التي شهدها العالم في ظل العولمة النيوليبرالية وتأثيرات الاشتراطيات السياسية لصندوق النقد الدولي على اقتصاديات الدول النامية والمتخلفة ،مما أثر بشكل سلبي على حقوق الإنسان في هاته الدول ،لكن المثير للإستغراب ما نشاهده اليوم في حرب غزة ،هاته الحرب الهمجية التي يقوم بها الكيان الصهيوني الغاشم التي تضرب إنسانية الإنسان ،هاته الحرب الأحادية لم يشهد العالم مثلها منذ الحرب العالمية الثانية ،وهي تضرب عرض الحائط القانون الدولي الإنساني وكل التراكمات الإيجابية التي جائت بها بنوذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ،كل هذا يسائل صانعي القرار السياسي في العالم ،الدول العظمى التي تدعم إسرائيل وتدافع عنها ،هاته المجازر وأنواع التقتيل اليومي هي وصمة عار على جبين الضمير العالمي ومن شأنها أن تؤثر على الأمن والسلم الدوليين على المدى القريب والبعيد.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!