أخبارأنشطة ملكيةإقتصادجهاتسياسةمجتمع

القصة الكاملة للعشوائيات التركية بابن سليمان

ما إن فجرت “الصباح” ملف الشركة التركية التي حولت أراضي فلاحية ببلدية المنصورية الى محطات متخصصة في مجال النقل واللوجيستيك وتخزين السيارات، حتى توسعت رقعة الشركات المغربية والدولية المطالبة بتطبيق القانون. آخر المحتجين شركة فرنسية يوجد مقرها بالبيضاء، راسلت عامل إقليم ابن سليمان من أجل البحث والتحقيق في الموضوع. “الصباح” زارت جماعة المنصورية، حيث توجد المحطات اللوجيستيكية
موضوع النزاع، وأجرت بحثا توصلت فيه إلى معطيات إضافية تسردها في الروبرتاج التالي.

إنجاز: كمال الشمسي (المنصورية)

نحن الآن على مشارف النفوذ الترابي للجماعة الحضرية المنصورية التي وصلنا إليها عبر الطريق الوطنية رقم 1، وعلى بعد أقل من كيلومترين من النقطة الكيلومترية 33، يثير انتباهنا في الجهة اليمنى واجهة لشركة مصنوعة من السياج وباب حديدي على جانبيه حائط اسمنتي، توجد أمامه حاوية صنع منها شخصان مقرا للحراسة.

هنا بني عامر

ترجلنا في اتجاه الشركة المحاذية لمحطة للتزود بالوقود من أجل اكتشاف النشاط، إذ سيتبين لنا أن الأمر يتعلق بمحطة لوجيستيكية لتخزين السيارات، تضم الآلاف من السيارات المختلفة الأنواع والأحجام. منتشرة فوق أرض فلاحية (أكثر من ثلاثة هكتارات). كما يمكن ملاحظة أن المحطة محمية بسياج حديدي بطول يتعدى 500 متر، مع وجود عشرات الأعمدة الإسمنتية الكبيرة وحديثة الإنشاء.
انتقلنا بعد ذلك إلى محطة أخرى في ملكية الشركة التركية نفسها، عبارة عن مستودع فلاحي مساحته تتعدى أربعة هكتارات، يقع على بعد خطوات من محطة القطار المنصورية، وعلى بعد كيلومتر ونصف من القصر الملكي الغزالة. لم نجد صعوبة في معرفة ما يوجد داخل المحطة، بعد أن صعدنا فوق القنطرة الموجودة فوق السكة الحديدية واكتشفنا وجود عدد من السيارات أكثر بكثير من التي توجد في المحطة الأولى.

سنتان من الانفلات

البحث الأولي حول الشركة التركية كشف أن وجودها بالمنطقة يعود إلى بداية 2014، وبالضبط في فبراير وهو الشهر الذي انتهت فيه شركة تركية أخرى من أشغال إنجاز الطريق السيار الرابط بين البيضاء والرباط، إذ كانت تتخذ من الأرض الفلاحية (حيث وضعت مواقف السيارات) مقرا للإدارة ولتخزين آليات الشركة.
عبرت الشركة التركية صاحبة المحطتين اللوجيستيكيتين عن رغبتها في كراء هذه الأرض الفلاحية، وسخرت سمسارا مغربيا للتوسط لها لدى السلطات المنتخبة (البلدية) التي طلبت منها وضع طلب لاستغلال موقف للسيارات، وهو الترخيص الذي حمل، في ما بعد، تاريخ 10 فبراير 2014 وجاء فيه أن الشركة لها مجموعة من الفروع بعدة دول أوربية، وأنها قامت بكراء أرض تتوفر على حاويات سيتم اتخاذها مكاتب إدارية.
وبتاريخ 19 مارس 2014، حصلت الشركة على وصل تصريح بمزاولة نشاط تجاري، أو حرفي أو خدماتي، وتم إدراج تنبيه بالتصريح أنه يبقى مؤقتا وخاضعا لإجراءات المراقبة البعدية وأنه يمكن سحبه عند عدم احترام النشاط المصرح به والقوانين الجاري بها العمل. كما أدلت الشركة بوثيقة للجماعة تلتزم فيها بتنفيذ أهم التوصيات وملاحظات لجنة المعاينة، التي دعا رئيس الجماعة إلى انعقادها وضمت كلا من وزارة التجهيز والوقاية المدنية والسلطات المحلية والإقليمية.
فور حصولها على التصريح، انطلقت الشركة في نشاطها الرئيس المتمثل في النقل واللوجيستيك. ولم يقف طموح الشركة عند هذا الحد، بل قامت بتوسيع نشاطها بكراء محطة جديدة وقامت باستغلالها دون ترخيص، حسب مصدر من الجماعة.

ملايين من بيع الوهم

أكدت مصادر عليمة أن قيمة كراء الأرض بالمنطقة يتراوح بين 5000 درهم و 10 آلاف درهم للهكتار، فيما تصل قيمة استقبال السيارات داخل المحطات بمبالغ تتراوح بين 100 درهم و180 درهما للشهر. وهو مبلغ أقل بأكثر من 50 في المائة من الثمن الذي تطبقه الشركات التي تشتغل وفق القانون والذي يتراوح بين 300 و 400 درهم للشهر، مشددة على أن الاثمنة التي تفرضها الشركة أثرت على أرباح شركات تخزين أخرى، بسبب توجه الزبناء صوب الشركة التركية التي قالوا إنها لا تتوفر حتى على أبسط مقومات محطات للوجيستيك والتخزين لأن الأراضي غير مجهزة ولا تحترم المعايير المعمول بها في مجال تخزين السيارات وتوفر أرباحا تتعدى المليون درهم في الشهر.
المصادر أكدت أيضا أن الشركة كبدت خسائر للشركات المتخصصة في النقل، إذ أنها باتت تشتغل أيضا في النقل من خلال كراء شاحنات وتفرض على زبنائها إمضاء عقود من أجل التخزين والنقل في الوقت نفسه. واستفزت هذه الوضعية شركات مغربية ودولية عاملة في مجال النقل واللوجستيك والتخزين التي عبرت عن قلقها من المس بمصالحها المالية والاستثمارية ومصالح عمالها، بسبب التسهيلات المقدمة إلى الشركة التركية، كما نبهت إلى مخاطر ضرب مبدأ المنافسة في ظــــــــل غياب تكافؤ الفرص، مؤكدة إن استفادة الشركة المعنية من أراض فلاحية رخيصة ودون ترخيص، “ستؤثر كثيرا على مصالحنا وتضعف منافستنا لها في السوق، نظرا إلى الفارق الكبير في كلفة التخزين الخاضعة إلى منطق السوق وتحرير الأسعار”.

محطة دون مواصفات

أوضحت مصادر “الصباح” انه من بين أهم المواصفات التي يشترط توفرها داخل محطات اللوجيستيك وتخزين السيارات، وجود سور اسمنتي بمعايير بناء مضبوطة، ومنطقة مخصصة للشاحنات وقنوات مياه الصرف الصحي المعالجة (لتجنب تلوث المياه من خلال منتجات الغسيل الكيماوية) ومكان غسل السيارات وورش للعمل وشبكة للإضاءة ونظام مزدوج ضد الحريق وشبكة لتصريف مياه الأمطار ومحطة وقود (لتجنب تخزين وقود الديزل في علب). وأشارت المصادر إلى أن الشركة التركية لا تتوفر على أدنى الشروط مما ذكر مما يجعلها في حالة تناف مع القانون ويفرض على الجهات المعنية التدخل من أجل تطبيق القانون.

الداخلية على الخط

وصلت حمم الاحتجاجات إلى مقر عمالة ابن سليمان، حيث ترأس العامل اجتماعا ضم كلا من رئيس الجماعة الحضرية المنصورية وباشا المنصورية ومجموعة من رؤساء الأقسام بالعمالة، تمخض عنه قرار بزيارة الموقع من أجل معاينة المحطات اللوجستيكية العشوائية.
وكشفت مصادر من داخل العمالة رفضت الكشف عن هويتها أن عامل الإقليم أصر على تطبيق القانون في الملف وأن الأمور تسير في اتجاه سحب التصريح الذي حصلت عليه الشركة من الجماعة، الأمر نفسه يطالب به رئيس الجماعة الذي أكد أنه مع تطبيق القانون، موضحا أنه لم يرخص وإنما صرح للشركة وأن السحب ليس من اختصاصه.
وعبرت مصادر عن تخوفها من تدخل جهات من أجل الضغط في الملف على اعتبار العلاقة التي تجمع بين حزب العدالة والتنمية المغربي والشركات التركية بالمغرب، إذ سبق أن اتصل قيادي كبير بالحزب، منذ حوالي ستة أشهر من أجل إعادة مصنع للصوف في ملكية مستثمر تركي يشتغل بطريقة عشوائية تم إقفاله بالجماعة ذاتها، غير أن رئيس الجماعة حسم أمره ورفض كل التدخلات تطبيقا للقانون.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!