أخبار

قمة المناخ كوب 28 في دبي/الواقع والرهانات

عبد الواحد بلقصري 

باحث في علم الاجتماع السياسي 

يقول آل غورفي حديثه عن التغير المناخي

“كانت التحذيرات بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري شديدة الوضوح لفترة طويلة، نحن نواجه أزمة مناخ عالمية، إنه يتعمق، نحن ندخل فترة من العواقب”

مؤتمر الأطراف للمناخ :

يعتبر مؤتمر الأطراف للمناخ، هيئة اتخاذ القرار الرئيسية في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، يجمع الأطراف الـ 198 التي وقعت على الاتفاقية، (197 دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبي) والمفاوضين التابعين لهم، وينعقد سنوياً منذ عام 1995، وتستضيف دولة الإمارات دورته الثامنة والعشرين.

وقد عُقدت الدورة الأولى لمؤتمر الأطراف (COP) في برلين بألمانيا، في مارس عام 1995، ويقع المقر الرئيسي للأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في بون، وتعقد مؤتمرات الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ مؤتمرات تُعقد سنوياً تحت رعاية الأمانة العامة للاتفاقية، وهي مكان الاجتماع الرسمي للتفاوض والاتفاق على كيفية معالجة تغير المناخ، وخفض الانبعاثات، والحد من الاحتباس الحراري،ومن المهام الأساسية لمؤتمرات الأطراف فحص التقارير الوطنية والبيانات الخاصة بالانبعاثات المقدمة من الدول المشاركة، والتي توفر معلومات أساسية عن إجراءات كل دولة، والتقدم الذي أحرزته نحو تحقيق الأهداف الشاملة للاتفاقية،وقد عقدCOP28 في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر في مدينة إكسبو دبي، وكان محطة حاسمة، اتحدت فيها جهود العالم حول العمل المناخي الفعّال وتقديم الحلول ما يتطلب التعاون بين المجتمع المدني والحكومات والصناعات وجميع قطاعات الاقتصاد، وفقا لوكالة الأنباء الإماراتية “وام”.

العدالة المناخية في عالمنا المعولم :

في عام 1972أجمع العالم في المؤتمر المعني بالبيئة البشرية التاريخي في مدينة ستوكهولم السويدية ،الذي يعتبر أول مؤتمر تم الاعتراف فيه بالبيئة كقضية عالمية ملحة ومهد المؤتمر الطـــريق لإنشاء برنامج الامم المتحدة للبيئة يعرف اختصارا ب “يونيب” المصمم لرصد حالة البيئة ،وإرشاد صيغ السياسات بالعلم وتنسيق الاستجابات للتحديات البيئية في العالم ،تقول انقر اندرسون خبيرة البيئة والاقتصاد التي تراس برنامج الامم المتحدة للبيئة اليوم لقد تأسس برنامجنا عام 1972،بلغنا الخمسين سنة لطالما كنا الضمير البيئي ،تقدم العلم ،نحكي قصة الكوكب أننا ذلك النســـــــــيج التي ترى فيه الاتفاقيات المتعددة الأطراف بما في ذلك اتفاقية المناخ نفسها مطرزة ،في بداية الثمانينات تنبأ العديد من خبراء برنامج الامم المتحدة للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على انه بعد 40 سنة سوف يصبح لدينا لاجئي البيئة على غرار لاجئي الحروب بفضل التغيرات المناخية التي سوف تشهدها البشرية اليوم يعيش العالم أبشع صور هاته التغيرات (جفاف ،تصحر ،تسونامي ،زلازل ….)هاته التغيرات تسببت في أزمات صحية وإنسانية وأثرت بشكل كبير على الأشخاص الذين يعيشون في مناطق هشة وبالرغم من انعقاد العديد من المؤتمرات الأممية حول تغير المناخ إلا أن الدول العظمى التي تسببت في الاحتباس الحراري وثقب طبقة الأزون بفضل الثلوث الصناعي ما زالت تنتهك اغلب الاتفاقيات الدولية وهناك بعض الاتفاقيات لم تصادق عليها .

    وهنا تبرز أهمية العدالة المناخية كمصطلح يستخذم لتأطير مسألة الاحتباس الــــــــحراري ضمن إطـــــار القضايا والمــــــــشاكل الســـياسية والأخلاقية بذلا من كونه قضية بيئية آو فيزيائية بحثية في الطبيعة ،وتحدث ذلك عبر ربط تأثيرات الاحتباس الحراري مع مبادئ العدالة الاجتماعية عن طريق استكشاف بعض القضايا المناخية على الاحتباس الحراري مثل المساواة وحقوق الإنسان والحقوق الجماعية والمسؤوليات التاريخية كإحدى الأمور الأساسية التي تطرحها العدالة المناخية .

وتعتبر قضية العدالة المناخية من أهم القضايا التي تطرح ضمن الأجندة الدولية لا سيما التي تعنى بقضايا المناخ ،ويسعى منهج العدالة المناخية إلى :

أولا : التخفيف والحد من غازات الاحتباس الحراري

ثانيا : الحاجة إلى تغير توليد الطاقة وإنتاج السلع وطرق استهلاكها والتعبئة والتخلص منها والتمويل

أسباب تغير المناخ واثاره:

1-توليد الطاقة:

يتسبب توليد الكهرباء والحرارة عن طريق حرق الوقود الأحفوري في جزءٍ كبير من الانبعاثات العالمية. ولا يزال توليد معظم كميات الكهرباء يتم عن طريق حرق الفحم أو الزيت أو الغاز، وينتج عن ذلك ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز – وهي غازات دفيئة قوية تغطي الأرض وتحبس حرارة الشمس. على الصعيد العالمي، يأتي أكثر من ربع الكهرباء بقليل من طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى التي ينبعث منها القليل من غازات الدفيئة أو الملوثات في الهواء، على عكس الوقود الأحفوري.

2- تصنيع البضائع:

ينتج عن الصناعات التحويلية والصناعة انبعاثات، معظمها يأتي من حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة لصنع أشياء مثل الأسمنت والحديد والصلب والإلكترونيات والبلاستيك والملابس وغيرها من السلع. كما يطلق التعدين والعمليات الصناعية الأخرى الغازات، كما هو الأمر بالنسبة لصناعة البناء. وغالبًا ما تعمل الآلات المستخدمة في عملية التصنيع على الفحم أو الزيت أو الغاز؛ بعض المواد، مثل البلاستيك، مصنوعة من مواد كيميائية مصدرها الوقود الأحفوري، فالصناعات التحويلية هي واحدة من أكبر المساهمين في انبعاثات غازات الدفيئة في جميع أنحاء العالم.

3- قطع الغابات:

إن قطع الغابات لإنشاء مزارع أو مراعي، أو لأسبابٍ أخرى، يتسبب في انبعاثات. لأن الأشجار، عند قطعها، تطلق الكربون الذي كانت تخزنه، ويتم تدمير ما يقارب 12 مليون هكتار من الغابات كل عام، ونظرًا لأن الغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون، فإن تدميرها يحد أيضًا من قدرة الطبيعة على إبقاء الانبعاثات خارج الغلاف الجوي. وتعد إزالة الغابات، إلى جانب الزراعة والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي، مسؤولةً عن ما يقارب ربع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية.

4- استخدام وسائل النقل:

تعمل معظم السيارات والشاحنات والسفن والطائرات بالوقود الأحفوري، مما يجعل النقل مساهمًا رئيسيًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وخاصةً انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتمثل مركبات الطرق الجزء الأكبر من احتراق المنتجات القائمة على البترول، مثل البنزين، في محركات الاحتراق الداخلي، لكن الانبعاثات من السفن والطائرات أيضًا مستمرةٌ في الازدياد. والنقل مسؤولٌ عن ما يقارب ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة، وتشير الاتجاهات إلى زيادةٍ كبيرة في استخدام الطاقة لأغراض النقل خلال السنوات القادمة.

5- إنتاج الغذاء:

يتسبب إنتاج الغذاء في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان وغازات الدفيئة الأخرى بطرقٍ مختلفة، ومن أسباب ذلك إزالة الغابات وإخلاء الأراضي لأغراض الزراعة والرعي، وعمليات الهضم لدى الأبقار والأغنام، وإنتاج واستخدام الأسمدة والسماد الطبيعي لزراعة المحاصيل، و استخدام الطاقة لتشغيل معدات المزرعة أو قوارب الصيد، باستخدام الوقود الأحفوري عادةً. كل ذلك يجعل إنتاج الغذاء مساهماً رئيسياً في تغير المناخ. وتأتي انبعاثات غازات الدفيئة أيضًا من عمليات تعبئة الطعام وتوزيعه.

5- تزويد المباني بالطاقة:

على الصعيد العالمي، تستهلك المباني السكنية والتجارية أكثر من نصف الكهرباء. ومع استمرارها في الاعتماد على الفحم والنفط والغاز الطبيعي للتدفئة والتبريد، تنبعث منها كميات كبيرة من غازات الدفيئة. وقد ساهم تزايد الطلب على الطاقة للتدفئة والتبريد، مع زيادة حيازة أجهزة تكييف الهواء، فضلاً عن زيادة استهلاك الكهرباء للإضاءة والأجهزة والأجهزة المتصلة، في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة من المباني في السنوات الأخيرة.

6- استهلاك الكثير:

إن منزلك واستخدامك للطاقة، وكيفية تنقُّلك، وما تأكله وكميات الطعام التي تتخلص منها، كلها عوامل تساهم في انبعاثات غازات الدفيئة. وكذلك هو الحال بالنسبة لاستهلاك البضائع مثل الملابس والإلكترونيات والبلاستيك. يرتبط جزءٌ كبير من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بالمنازل الخاصة. إذ أن لأنماط حياتنا تأثيرٌ عميق على كوكبنا. ويتحمل الأغنياء المسؤولية الأكبر: فأغنى 1 في المائة من سكان العالم مجتمعين يتسببون في انبعاثات لغازات الدفيئة أكثر مما يتسبب به أفقر 50 في المائة من السكان.

مؤتمر الاطراف كوب 28 /الحلول والمقترحات :

اتفق ممثلو نحو 200 دولة مشاركة في محادثات الأمم المتحدة للمناخ (كوب28)على مايلي : 

ضرورة تحول العالم عن استخدام الوقود الأحفوري، وهي خطوة مهمة نحو تغيير كيفية تزويد العالم بالطاقة،بحسب العلماء، فإنَّ الوقود الأحفوري يُعد أكبر مساهم في تغيُّر المناخ العالمي؛ إذ يتسبب في أكثر من 75% من انبعاثات الغازات الدفيئة وحوالي 90% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وارتفعت الانبعاثات العالمية من 25 إلى 33 مليار طن متري سنويًا من ثاني أكسيد الكربون؛ وذلك خلال العقد الأول من القرن الحالي، حصة الصين السنوية من هذه الانبعاثات ارتفعت بنسبة 31 بالمائة، لذلك لتجنب آثار تغير المناخ، يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، ولتحقيق ذلك يدعو البيان الى التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومستدامة.

مضاعفة القدرة العالمية على استخدام الطاقة المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030 (تعهدت الولايات المتحدة والصين بالعمل معا لتحقيق هذا الهدف في اتفاق تم التوصل إليه بين أكبر دولتين تُصدران الانبعاثات في العالم في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر كوب 28) .

3- التخفيض التدريجي السريع “بلا هوادة للفحم” وتقليص عدد التراخيص الجديدة.

4- نشر تقنيات الانبعاثات الصفرية والمنخفضة، بما في ذلك تقنيات الإزالة مثل تلك التي تلتقط الكربون وتستخدمه وتخزنه.

5- التمويل المناخي، ولكن “بلغة ضعيفة” ويدعو الاتفاق الدول إلى مراجعة التزاماتها كل خمس سنوات، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية لمساعدتها على التخفيف من تداعيات تغير المناخ ودعم قدرتها على التكيف معها، وتعزيز المرونة المناخية.

6- اتفق العلماء على ضرورة تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، لأن تحقيق هذا الهدف أمر حاسم للحد من تزايد تدهور المناخ، وتجنب تداعياته المدمرة.

 

على سبيل الختم :

نخلص في الاخير إلى الخلاصات التالية : 

الخلاصة الأولى : أن قمة المناخ كوب 28 دبي جعلت الدول الاطراف يقرون بأن هناك شبه إجماع على مسألة تغير المناخ، رغم الاختلافات في كيفية التصدي لهذه الظاهرة ومن هو المسؤول عن التلوث.

الخلاصة الثانية : أجمعت مختلف الدول الأطراف على تنشيط القطاعات غير النفطية، والعمل بالسرعة المطلوبة لإنشاء البنية الأساسية للطاقة البديلة وخاصة الطاقة الشمسية.

الخلاصة الثالثة : أن إشكالية التغيرات المناخية وتأثيراتها على مستقبل الإنسانية تتطلب من المجتمع الدولي اعتماد مقاربة شمولية ومتوازنة، باعتبار كونها إشكالية متعددة الأبعاد تجمع الثقافي والاجتماعي والسياسي والأخلاقي، إلى جانب بعدها البيئي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!