أخبار

جدلية الفن الجمال و الأخلاق

عمر ملوك

منذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض وهو يبدع في ابتكار الطرق و الأساليب والتقنيات كما يبدع في التعبير عن ذاته وعن ما يراه في محيطه الخارجي، فكان على الأرجح يمارس العملية الإبداعية بشتى الطرق المتاحة ، عملية ابداعية قد ينخرط فيها الإنسان من خارج وعيه الذاتي وقد ينتج انشغالاته ويوثق لها عن وعي، مؤسسا بذلك لطرق جديدة للتعبير عن الذات وتوثيق الأحداث وتقاسم مشاهداته اليومية مع الأجيال قادمة ،نتيجة لذلك يمكن اختصار مفهوم الفن باعتباره عملية ابداعية يقوم به مجموعة من البشر الموهوبين فإن الفن ظل لصيقا بالإنسان عامة و بالمبدعين خاصة.

وقد قسمت الفنون عامة الى فنون بصرية : الرسم والنحت و العمارة وفنون سمعية : الشعر و الموسيقى وفنون سمعية بصرية: الرقص. ليأتي بعدها الفن السابع فن السينما.

وهناك من علماء الجمال من أعطى تقسيمات أخرى مرتبطة بالزمان و المكان، وهو مانجده في كتاب *النقد الفني دراسة جمالية* للناقد جيروم ستولنيز.

وبعيدا عن هذه التصنيفات وتلك، نجد أنفسنا أمام أسئلة محيرة نختلف في اصدار جواب متفق عليه حولها، نذكر منها سؤالين هامين:

1/ هل الجمال مرتبط بالأخلاق ؟

2/ هل الحكم على العمل الفني يرتبط لزوما بما يتضمنه من قيم أخلاقية ؟.

للإحاطة بشكل مختصر بالموضوع يرجع بنا الزمن الى العصر اليوناني والى الفلسفة اليونانية التي تعتبر الإنسان محور الكون وأن ما يميزه عن الحيوان هي 3 قيم أساسية : القيمة المعرفية وهي الموصلة الى الحق والقيمة الإخلاقية الموصلة الى الخير و القيمة الجمالية الموصلة الى الجمال، فحسب الفلسفة اليومانية عندما تسقط احدى هذه القيم تسقط معها الإنسانية وتحل الحيوانية.

لكن بالرغم من الفلسفة اليونانية كانت واضحة في تحديد العلاقة بين الفن و الجمال و الأخلاق فإننا نرصد تباينا في كيفية تمثلها من طرف فلاسفتها العظام كسقراط وأفلاطون وأرسطو ، حيث تباينوا في وجهات النظر بين من يرى أن الفن هو الفضيلة ومن يرى أنه محاكاة لعالم المثل ومن يرى أنه محاكاة لعالم الواقع بخيره وشره.

من هذه المنطلق تفرعت المدارس النقدية بعد ذلك بين مدارس تربط بين الفن و الجمال و القيم الإخلاقية كمدرسة النقد الأخلاقي ومدارس أخرى في الجانب الاخر ترفض العلاقة بين الفن و الأخلاق كأصحاب الفن للفن…

هذه التوجهات النظرية ترمي بظلالها لا محالة على زاوية رؤيتنا للإنتاجات الفنية وعلى كيفية تقييمنا لها، بل ترمي بظلالها على تصنيفنا للانتاجات الفنية بين أعمال مقبولة وأخرى مرفوضة تماما ، علاقة جدلية تفسر التضارب الفكري القائم حاليا بين النقاد في مختلف المجالات خاصة في مجال السينما الذي يستأثر بالحصة الكبرى في هذا الجدل، بل وينتج عن هذا الاختلاف مساحة جديدة من الصراع بين اتجاهين مختلفين تماما تتجاذبه قوى مؤيدة للخلفية الأخلاقية في الإنتاج الفني وقوى أخرى لاتربط بينهما تماما …

يتبع…

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!