أخبارإقتصادتكنولوجياجهاتحوادثمجتمع

إطاحة الفرقة الوطنية لموظف بقباضة حد كورت في واحدة من أكبر قضايا الاختلاس بإقليم سيدي قاسم

برنامج معلوماتي حديث يكشف اختلاسات مالية تفوق 260 مليون سنتيم ويعيد فتح ملف الفساد المالي في المؤسسات العمومية

في خضم التحديات التي تواجهها بعض القطاعات الحيوية في المغرب، يبرز الفساد المالي والإداري كآفة مستشرية تهدد نزاهة المؤسسات وتضعف ثقة المواطنين في أجهزة الدولة. قضية اختلاس مالية في قباضة جماعة حد كورت بإقليم سيدي قاسم، التي كشفتها الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية، ليست سوى نموذج صارخ لهذا الواقع الذي يستدعي وقفة جادة وتحليلاً موضوعياً.
المتهم، موظف يبلغ من العمر 57 سنة، استغل موقعه لأكثر من سبع سنوات في تكييف المعطيات واختراق نظام المعالجة الآلية للقباضة، ليختلس مبالغ مالية ضخمة تفوق 260 مليون سنتيم.
وما يلفت الانتباه هو أن اكتشاف هذه الاختلاسات جاء بفضل برنامج معلوماتي حديث وضعته وزارة العدل، مكن موظفاً جديداً من رصد التفاوت بين المداخيل الموثقة والمبالغ الفعلية المودعة، ما يعكس كيف يمكن للتكنولوجيا أن تكون سلاحاً فعالاً في مكافحة الفساد.
وقد تم القبض على المتهم بعد فرار استمر قرابة السنتين، وإحالته على النيابة العامة ومحكمة جرائم الأموال بالرباط، يؤكد جدية السلطات في متابعة قضايا الفساد المالي. لكن الأهم من ذلك هو الأثر المتوقع لهذه الإطاحة على سير العمل داخل القباضة، حيث ستفرض إجراءات رقابية أكثر صرامة، وإعادة هيكلة تنظيمية لتعزيز الشفافية والالتزام، رغم احتمال حدوث بعض الاضطرابات المؤقتة في تقديم الخدمات.
التحقيقات لم تغلق الباب أمام احتمالات تورط مسؤولين آخرين أو امتداد الاختلاسات إلى مؤسسات أخرى، وهو أمر يعكس تعقيد شبكات الفساد التي قد تتطلب تحقيقات أوسع وأعمق. ومن هنا، تتضح أهمية اعتماد منهجية شاملة تشمل مراجعة دقيقة للحسابات، واستدعاء المعنيين، واستخدام تقنيات تحليل البيانات المتقدمة، إلى جانب تعزيز آليات المساءلة.
وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال دور الرقمنة كخطوة استراتيجية لا غنى عنها. فالتقنيات الحديثة تتيح تتبع كل عملية مالية وإدارية بشفافية وفعالية، وتكشف التلاعبات في الوقت الحقيقي، مما يحد من فرص الاختلاس ويعزز ثقة المواطنين في مؤسساتهم. كما أن الرقمنة تفتح آفاقاً لتطوير نظم الرقابة المتزامنة وربطها بمتخذي القرار، ما يسرع من اتخاذ الإجراءات التصحيحية.

وختاماً، تكشف هذه القضية عن ضرورة تسريع وتيرة الرقمنة في الإدارات العمومية، ليس فقط كأداة تقنية، بل كخطوة جوهرية نحو بناء مؤسسات نزيهة وشفافة، قادرة على حماية المال العام وضمان حقوق المواطنين. فالشفافية والمحاسبة ليستا مجرد شعارات، بل هما درع الوطن في مواجهة آفات الفساد التي تهدد استقراره وتقدمه.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!